للمعنى ليست مشابهة لعملية وضع العلم على رأس الفرسخ ، أو البئر ، لأنّ هناك في وضع العلم على رأس الفرسخ يوجد ثلاثة عناصر ، وفي هذا الوضع يوجد عنصران فقط ، الموضوع والموضوع عليه ، ولا يوجد موضوع له.
الاعتراض الثاني : هذا الاعتراض ناشئ من الاعتراض الأول ، وهو : أنه تبين أن المعنى هو الموضوع عليه ، مع أننا نقول عادة إن المعنى هو الموضوع له لا الموضوع عليه ، فكيف صحّ أن ينتزع من الموضوع له عنوانا اسمه الموضوع عليه مع أن هذا غير معروف؟.
الرد على كلا الاعتراضين :
وكلا الاعتراضين مع أصل الوجه ممّا لا يمكن المساعدة عليه ؛ فإذا ما بقينا مع هذين الاعتراضين فقط ، فبإمكان صاحب هذا الوجه دفع كليهما :
أمّا دفع الاعتراض الأول : وهو أنه لا يوجد في وضع الألفاظ للمعاني ثلاثة عناصر ـ موضوع ، وموضوع عليه ، وموضوع له ـ كما هو الحال في الوضع الخارجي ـ في وضع العلم على رأس الفرسخ أو البئر ـ بل يوجد عنصران موضوع وموضوع عليه :
هذا الاعتراض جوابه : إنّ الموضوع عليه والموضوع له ، أحيانا يكون بينهما تغاير خارجي حقيقي ، كما هو الحال فيما لو وضعنا علما على الأرض المسبعة ـ أي : كثيرة الحيوانات المفترسة ـ للدلالة على أنّ في هذه الأرض حيوانات مفترسة ، حينئذ هنا الموضوع هو العلم ، والموضوع عليه هو الأرض ، والموضوع له هو وجود الحيوانات المفترسة ، فهنا الموضوع عليه ، والموضوع له ، متغايران خارجا وإشارة ، إذ إن الأرض شيء ، والحيوانات شيء آخر.
وأحيانا أخرى ، يكون الموضوع له عين الموضوع عليه ، غاية الأمر أن الفرق بينهما فرق تحليلي ، لا فرق خارجي إشارتي ، كما هو الحال في وضع العلم على رأس الفرسخ. فالموضوع عليه هو الأرض ، وهذه الأرض هي