التحقيق في حقيقة الوضع
البحث في حقيقة الوضع ، هو بحث في كيفية نشوء الدلالة بين اللفظ والمعنى ، وأنه كيف يصبح اللفظ سببا لتصور المعنى ، بعد أن لم يكن بحدّ ذاته سببا لذلك ؛ ما ذا يصنع الواضع لكي يجعل اللفظ سببا للانتقال إلى المعنى ، مع أن اللفظ بطبعه وذاته ، ليس سببا للانتقال إلى المعنى.
وتحقيق ذلك أن يقال :
إنه في باب الانتقال من إدراك شيء إلى تصور شيء يوجد ثلاث قوانين تكوينية ثابتة مخلوقة من قبل خالق العالم الذي وضع القوانين التكوينية لهذا العالم ، وهذه القوانين التكوينية الثلاثة نصطلح عليها : بالقانون الأولي التكويني ، والقانون الثانوي التكويني الأول ، والقانون الثانوي التكويني الثاني.
القانون الأولي التكويني : هذا القانون التكويني الأولي ، هو أنّ الإدراك والإحساس بشيء ، يوجب الانتقال التصوري إلى معناه ، مثلا الإحساس ب (الأسد) يوجب الانتقال إلى تصور معنى الحيوان المفترس ، فهذه سببية واقعية تكوينية مبنية على قانون تكويني خلقه الله تعالى ، حين خلق الإنسان وأعطاه إحساسه وخياله وتصوره ، جعل هذه السببية تكوينا ، بحيث أن الإحساس بشيء يوجب الانتقال إلى تصور معنى ذاك الشيء ؛ فالإحساس