بحيث تنشأ هذه الخصوصية بسبب كثرة الاقتران ، كما لو فرضنا أنّ أحد الشيئين اقترن بالآخر مئات المرات ، مرارا وتكرارا ، فحينئذ إذا رأينا أحدهما ، انتقل ذهننا تصورا إلى الآخر ، فمثلا : في علم الرجال دائما نرى (النوفلي) يروي عن (السكوني) ، ف (النوفلي) و (السكوني) مقترنان في تصورنا متى ما رأينا (نوفلي) رأينا (سكوني) ؛ فلو رأينا على ورق في مرة من المرات كلمة (سكوني) ينتقل ذهننا فورا إلى (النوفلي) ، لأن (السكوني) رأيناه مرارا وتكرارا مع (النوفلي) ، فأصبح للسكوني هذه الحالة ، وهي أنه متى ما رأيناه انتقل ذهننا تصورا إلى (النوفلي).
وتارة أخرى تكون تلك الخصوصية خصوصية كيفية ، بحيث لم تنشأ من كثرة الاقتران مرارا وتكرارا ، بل قد يتفق أن يقترن أحد الشيئين بالآخر مرة واحدة ، لكن باقتران مخصوص بكيفية مخصوصة ، بحيث بعد هذا إذا أدركنا أحدهما ينتقل ذهننا إلى الآخر ؛ فمثلا إذا سافر الإنسان إلى بلد «بغداد» وابتلي بمرض شديد ، وبعد هذا رجع ، قد يتفق أنه متى ما تصور اسم ذلك البلد ، انتقل ذهنه إلى ذلك المرض الذي أصابه ، وإن كان البلد مع المرض قد اقترنا مرة واحدة ، لكن حيث أنه اقتران من نوع شديد ، وبكيفية أكيدة ، ولهذا متى ما تصور أحدهما «بغداد» انتقل ذهنه إلى أنه ذهب إلى البلد ، ومرض مرضا شديدا.
تطبيقات :
صار واضحا أنه يوجد قانون تكويني أولي ، وقانونان تكوينيان حاكمان على القانون التكويني الأولي ، وبعد هذا نقول :
إنّ الدلالات التي تواضع عليها الناس فيما بينهم ، بعضها بحسب الحقيقة صغريات وتطبيقات لكبرى القانون الثانوي التكويني الأول ، وبعضها أيضا صغريات وتطبيقات لكبرى القانون الثانوي التكويني الثاني ، وقد يتفق أن يكون بعض هذه الدلالات التي تواضع عليها الناس صغريات وتطبيقات لكبرى القانونين الثانويين التكوينيين معا.