قد اقترن مرارا عديدة ـ لأنها أمر طبيعي صدفتي ، فصدفة اقترن الزئير مع (الأسد) لا بفعل أي إنسان في العالم ، وبدون أي تصرف من أحد.
الوضع التعييني والتعيّني :
إذن صار واضحا أن بعض الدلالات التي تواضع عليها الناس ، ما يكون تطبيقا للقانونين الثانويين الأول والثاني ، كما في مقام تفهيم الرجل الشجاع ، حيث أن الإنسان يستعمل صوتا شبيها بصوت الأسد لتفهيم شخص آخر بأن زيدا من الناس شجاع. فلو فرضنا أن هذا المستعمل للصوت الشبيه بالزئير ، كرّر هذه العملية ، مرارا وتكرارا ، بحيث اقترن هذا الصوت مع هذا المعنى في الذهن ، مرارا عديدة ، حينئذ يصبح هذا بنفسه تطبيقا للقانون الأول ، بلا حاجة إلى ضم مسألة المشابهة ، وحينئذ يصبح هذا الصوت بنفسه يدل ابتداء على الرجل الشجاع ، بلا حاجة إلى توسط أن هذا شبيه بالأسد ، وإلى أن هذا صوت شبيه بصوت الأسد ، بل بتكرره يصبح هذا الصوت بنفسه دالا على الرجل الشجاع ، وهذا هو معنى الوضع التعيّني فالوضع التعييني الذي نقول بأنه ينشأ من كثرة الاستعمال ، حقيقته هذا النحو ، يعني إيجاد صغرى من قبل الإنسان للقانون الثاني ، وهو أن إدراك أحد المتقارنين بوجه مخصوص ، يؤدي إلى الانتقال إلى مقارنه وتصوره ، فمثلا : الإنسان يوجد الصغرى ـ التقارن بين هذا الصوت الفلاني وبين الرجل الشجاع ـ فإذا أوجد هذا التقارن متكررا ، فقد أوجد الصغرى من القانون الثاني ، وهذه الصغرى هي الوضع التعيّني.
إذن فالوضع التعيّني : هو إيجاد صغرى للقانون الثاني ، إيجاد تقارن متكرر بكثرة الاستعمال بين اللفظ والمعني
ثم إنّ الإنسان يصبح عنده ألفة واستيناسا بأن ينتقل من الأصوات إلى المعاني بحيث يصبح هذا الأمر مألوفا ، فإذا سمع صوتا يعرف أن هذا لا بد له من معنى ، هنا يجيء الوضع التعييني ، فحينئذ الواضع طبقا للحاجة يضع بعض الألفاظ لبعض المعاني ، يعني يقرن ما بينهما قرنا آنيا دفعيا في عملية ملفتة للنظر مؤكدة ، من قبيل عملية المرض «ببغداد».