فالوضع التعييني يحسب الحقيقة هو : إيجاد صغرى لكبرى القانون التكويني الثانوي الثاني ، وليس فيه أي تصرف من قبل الواضع ، سوى إيجاد صغرى لهذا القانون ، بأن يقرن أحدهما بالآخر قرنا أكيدا شديدا.
ومن هنا يتضح من أن إتعاب النفس ، في أنّ الواضع هل يعتبر اللفظ على المعنى ، أو تحت المعنى ، أو أداة للمعنى ، أو وجودا تنزيليا للمعنى ، كل هذا لا معنى له ، لأن النكتة المطلوبة من الوضع ، هي إيجاد صغرى لهذا القانون التكويني في نفسه. وإيجاد الصغرى ، بأن يوجد حادثة ، بحيث يقترن فيها اللفظ مع المعنى ، اقترانا أكيدا شديدا ، وهذا الاقتران الأكيد الشديد ، تارة يحصل بكثرة الاستعمال ، وأخرى يحصل بإنشاء ، كإن يرزق ولد مثلا ويقول : سمّيته عليا. هذا هو الوضع التعييني.
توضيحات وتفريعات :
اتضح مما تقدم ، أنه بالإمكان ، تعريف الوضع : بأنه جعل اللفظ بحيث يقترن اقترانا مؤكدا في تصور الإنسان وذهنه ، فيدخل حينئذ في صغرى قانون ثانوي تكويني ، وهو قانون الانتقال من تصور أحد المتقارنين إلى تصور مقارنه ، وهذا التأكيد في الاقتران.
إمّا أن يكون بلحاظ تكرّره كما هو الحال في الوضع التعيّني.
وإمّا بلحاظ كيفية مخصوصة فيه كما هو الحال في الوضع التعييني.
وبناء على ذلك تتضح أمور :
أ ـ الأمر الأول : أنّ الوضع ليس من الأمور الإنشائية التسبيبية التي تحصل بالإنشاء من قبيل البيع ونحوه من العناوين المعاملية والإنشائية : فالبيع لا إشكال في أنه عنوان إنشائي ، وإن وقع الكلام في المنشأ ، فهل المنشأ بالبيع تمليك المال بعوض ، أو المنشأ عنوان مبادلة مال بمال ، إلى غير ذلك مما ذكر في المكاسب؟. فالبيع أمر إنشائي لكن يقع الكلام في تشخيص ذلك