الجهة الثانية
في تشخيص الواضع
من هو الواضع؟.
كان الكلام في الجهة الأولى عن حقيقة الوضع ، وأنه كيف تنشأ الدلالة والسببية في عالم الذهن بين اللفظ والمعنى.
وصار واضحا أنّ الوضع حقيقته القرن الأكيد الشديد ، حينئذ يقع الكلام في الجهة الثانية ، من هو هذا الواضع الذي قرن الألفاظ الكثيرة بمعانيها الكثيرة ، فجعل لكل معنى لفظا مخصوصا يفهم منه ذلك المعنى عند إطلاقه؟.
ذهب جملة من المحققين ، ومنهم المحقق النائيني (١) (قدسسره) إلى استقراب أن يكون الواضع هو الله تعالى ، والذي يظهر من كلماتهم أن هذا الاستقراب مبني على استبعادين ، لفرض أن يكون الواضع إنسانا ، ومن أجل هذين الاستبعادين يرجّح أن يكون الواضع هو الله تعالى ، وهذان الاستبعادان هما :
الاستبعاد الأول : إننا لو نظرنا إلى اللغة ، لوجدنا أن ما تشتمل عليه من ألفاظ ، وخصوصيات ، ونكات ، يستبعد أن يكون تحت سيطرة شخص واحد ، وقدرة شخص واحد ، فكريا وذهنيا ، إذن فلو فرض إنّ الواضع إنسان ، حينئذ
__________________
(١) فوائد الأصول ـ الكاظمي : ج ١ / ص ١٠