الأولى ، نراه كليا ، ولو نظرنا إليه بالنظر التصديقي الثانوي الحقيقي أيضا ، نراه كليا. فإنّ مفهوم الكلي هو بنفسه أيضا من الكليات حقيقة ، لأنّ الإنسان كلي ، والحصان ، والهواء كلي ، وهكذا. فمفهوم الكلي كلي ، وهذا معنى قولنا إنّ العناوين طرّا بالنظر التصوري الأولي ، واجدة لحيثيات أنفسها ، وإلّا يلزم اجتماع النقيضين لو كانت فاقدة لها بهذا النظر.
وأمّا بالنظر التصديقي الحقيقي الثانوي ، وبنظرة ثانية وحقيقية ، تختلف هذه العناوين ، فبعضها واجدة لأنفسها كالكلي مثلا ، وبعضها فاقدة لأنفسها كالجزئي مثلا. هذا هو حاصل المقدمة الأولى.
المقدمة الثانية : ومضمون هذه المقدمة أنه يوجد في القضية مرحلتان :
المرحلة الأولى : هي مرحلة عقد الحكم ، وإصداره من قبل النفس.
المرحلة الثانية : هي مرحلة ثبوت المحكوم به حقيقة للموضوع ، بمعنى أن ما حكم به هو ثابت وجار على الموضوع حقيقة.
ففي المرحلة الأولى وهي مرحلة إصدار الحكم ، لا يحتاج إلّا إلى إحضار موضوع القضية بالنظر التصوري ، فلو أحضر موضوع القضية بهذا النظر ، فهذا يكفي ليحكم الحاكم عليه ، لأن الحكم يتوقف على تصور الموضوع ، وهذا بالنظر التصوري قد أحضر الموضوع ، إذن فيكفي في مقام إصدار الحكم إحضار الموضوع بالنظر التصوري. فمثلا : الذي يحكم بوجوب الحج على المستطيع ، يكفيه في مقام إصدار الحكم أن يتصور الاستطاعة ، ولا يحتاج إلى أن يأتي بإنسان ، ويقول : هذا مستطيع ـ تاجر غني ـ بل يكفي أن يحضر الموضوع بالنظر التصوري ، بهذا النظر يصح له حينئذ أن يحكم عليه.
وأما في المرحلة الثانية وهي مرحلة جريان الحكم على موضوعه وثبوت المحكوم به على الموضوع ، في هذه المرحلة المحكوم به ، إنما يثبت على الموضوع على ما يكون هو الموضوع بالنظر التصديقي الواقعي الحقيقي ، يعني