لا بد وأن نقول ـ زيد مستطيع وعنده مال وراحلة ، حينئذ يثبت عليه وجوب الحج ـ.
إذن هناك مرحلتان : مرحلة إصدار الحكم ، وعقد القضية في أفق النفس. ومرحلة ثبوت المحكوم به خارجا وواقعا على الموضوع. في المرحلة الأولى : لا يتوقف إصدار الحكم إلّا على إحضار الموضوع ، ولو بالنظر التصوري. وفي المرحلة الثانية : المحكوم به لا يثبت إلّا لما يكون هو الموضوع بالنظر التصديقي الحقيقي.
وبعد أن تمت هاتان المقدمتان واتضحت ، نأتي إلى مثال ، ونطبق عليه كلتا المقدمتين ، ومن هذا المثال يتضح محل الكلام أيضا ويندفع الإشكال : والمثال هو قولنا : ـ الجزئي لا ينطبق على كثيرين ـ. فهذه قضية صحيحة عند من أنكر الوضع العام ، والموضوع له الخاص ، وعند من قبل بذلك. وهذه القضية فيها إشكال في بادئ الأمر ، وهذا الإشكال هو إنّ القائل ـ بأن الجزئي لا ينطبق على كثيرين ـ قد أحضر في نفسه مفهوم الجزئي ، ومفهوم الجزئي ينطبق على كثيرين ، ولم يحضر في نفسه زيدا ، وبكرا ، وعمرا ، إذن هذا الكلام كيف يصدق بأن ـ الجزئي لا ينطبق على كثيرين ـ! هو بحسب الحقيقة حكم على هذا المفهوم ولم يحكم على زيد ، وخالد ، فزيد وخالد لا ينطبق على كثيرين ، لا إن مفهوم الجزئي لا ينطبق على كثيرين.
وهذه شبهة يتضح جوابها من المقدمتين المذكورتين :
فإنه اتضح من المقدمة الأولى أن مفهوم الجزئي بالنظر التصوري الأولي ، واجد لنفسه ، ولكنه بالنظر التصديقي الحقيقي فاقد لنفسه ليس بجزئي.
واتضح من المقدمة الثانية أن القضية لها مرحلتان : الأولى إصدار الحكم ، والثانية ثبوت المحكوم به حقيقة للموضوع ، وحينئذ نقول في المقام : بأن الحكم الذي حكم به هذا الإنسان حينما قال ـ بأن الجزئي يمتنع صدقه