مسألة ٦٩ : إذا حصر الإمام بلدا ، جاز أن يعقد عليهم أن ينزلوا على حكمه ، فيحكم فيهم بما يراه هو أو بعض أصحابه إجماعا ، لأنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لمّا حاصر بني قريظة رضوا بأن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ ، فأجابهم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى ذلك (١).
وهل يجوز للإمام إنزالهم على حكم الله تعالى؟ قال علماؤنا بالمنع ـ وبه قال محمد بن الحسن (٢) ـ لما رواه العامّة عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قال : « إذا حاصرتم حصنا أو مدينة فأرادوكم أن تنزلوهم على حكم الله فلا تنزلوهم ، فإنّكم لا تدرون ما حكم الله تعالى فيهم ، ولكن أنزلوهم على حكمكم ثم اقضوا فيهم ما رأيتم » (٣).
ومن طريق الخاصّة : قول الصادق عليهالسلام في وصيّة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن ينزلوا على حكم الله فلا تنزلهم ولكن أنزلهم على حكمي ثمّ اقض بينهم بعد بما شئتم فإنّكم إن أنزلتموهم على حكم الله لم تدروا تصيبوا حكم الله فيهم أم لا » (٤).
ولأنّ حكم الله تعالى في الرجال : القتل أو المنّ أو المنّ أو الاسترقاق أو المفاداة ، وفي النساء : الاسترقاق أو المنّ ، فيكون مجهولا ، فكان الإنزال
__________________
(١) المغازي ـ للواقدي ـ ٢ : ٥١٢ ، صحيح البخاري ٥ : ١٤٣ ، صحيح مسلم ٣ : ١٣٨٨ ـ ١٣٨٩ ـ ١٧٦٨ ، المصنّف ـ لابن أبي شيبة ـ ١٤ : ٤٢٥ ـ ١٨٦٧٧ ، مسند أحمد ٣ : ٤٠١ ـ ١٠٧٨٤ و ٤٨٤ ـ ١١٢٨٣ و ٧ : ٢٠٤ ـ ٢٠٥ ـ ٢٤٥٧٣ ، المغني ١٠ : ٥٣٧.
(٢) المبسوط ـ للسرخسي ـ ١٠ : ٧ ، بدائع الصنائع ٧ : ١٠٧.
(٣) صحيح مسلم ٣ : ١٣٥٨ ـ ٣ ، سنن أبي داود ٣ : ٣٧ ـ ٢٦١٢ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٩٥٤ ـ ٢٨٥٨ ، مسند أحمد ٦ : ٤٩٢ ـ ٢٢٥٢١ نحوه.
(٤) الكافي ٥ : ٢٩ ـ ٣٠ ـ ٨ ، التهذيب ٦ : ١٣٩ ـ ٢٣٢.