فالمترفّه الذي لا مشقّة عليه يشارك فيها من حصلت له المشقّة (١).
وليس للغانم أن يقرض ما أخذه من الطعام أو العلف من غير الغانمين أو يبيعه ، فإن فعل ، فعلى من أخذه ردّه إلى المغنم. فإن أقرضه غانما آخر ، فليس ذلك قرضا حقيقيّا ، لأنّ الآخذ لا يملك ما يأخذه حتى يملّكه غيره. وحينئذ فالأقرب أنّه ليس للمقرض مطالبة المقترض بالعين أو المثل ما داما في دار الحرب ، ولا يلزم الآخذ الردّ ، لأنّ المستقرض من أهل الاستحقاق أيضا ، فإذا حصل في يده ، فكأنّه أخذه بنفسه. وهو أحد وجهي الشافعيّة (٢).
والثاني : أنّ له مطالبته بالعين أو المثل ما داما في دار الحرب ، لأنّه إذا أخذه صار أحق به ، ولم تزل يده عنه إلاّ ببدل.
وعلى هذا الوجه له مطالبته بردّ مثله من المغنم لا من خالص ملكه ، فلو ردّ عليه من خالص ملكه ، لم يأخذه المقرض ، لأنّ غير المملوك لا يقابل بالمملوك حتى لو لم يكن في المغنم طعام آخر سقطت المطالبة. وإذا ردّ من المغنم ، صار الأوّل أحقّ به ، لحصوله في يده.
وعلى هذا الوجه إذا دخلوا دار الإسلام انقطعت حقوق الغانمين عن أطعمة المغنم ، فيردّ المستقرض على الإمام.
وإذا دخلوا دار الإسلام وقد بقي عين القرض في يد المستقرض ، بني على أنّ الباقي من طعام المغنم هل يجب ردّه إلى المغنم؟ إن قلنا : نعم ، ردّه إلى المغنم ، وإن قلنا : لا ، فإن جعلنا للقرض اعتبارا ، فيردّه إلى المقرض ، وإن قلنا : لا اعتبار له ، فلا يلزمه شيء (٣).
مسألة ٨٣ : لو باع الغانم ما أخذه من غانم آخر بمال آخر أخذه من
__________________
(١) الوجيز ٢ : ١٩٢ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤٣١ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٦١.
(٢ و ٣) الوجيز ٢ : ١٩٢ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤٣٢ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٦١.