الغنيمة ، فهو إبدال مباح بمباح ، كإبدال الضيوف (١) لقمة بلقمة ، وكلّ منهما أولى بما تناوله من يد الآخر.
ولو تبايعا صاعا بصاعين ، لم يكن ذلك ربا ، لأنّه ليس معاوضة حقيقيّة ، بل هو كما لو كان في يد عبده طعام فتقابضا صاعا بصاعين.
قال بعض الشافعيّة : من جعل للقرض اعتبارا يلزمه أن يجعل للبيع (٢) اعتبارا حتى يجب على الآخذ تسليم صاع إلى بائعه. وإن تبايعا صاعا بصاعين ، فإن سلم بائع الصاع الصاع ، لم يملك إلاّ طلب صاع تشبيها بالقرض ، وإن سلّم المشتري الصاعين ، لم يطلب إلاّ صاعا ، وملك الزائد على البذل (٣).
إذا عرفت هذا ، فالمأخوذ حيث قلنا : إنّه مباح للغانم غير مملوك فليس له أن يأكل طعامه ويصرف المأخوذ إلى حاجة أخرى بدلا عن طعامه ، كما لا يتصرّف الضيف فيما قدّم إليه إلاّ بالأكل.
ولو قلّ الطعام وخاف قائد الجيش الازدحام والتنازع عليه ، جعله تحت يده وقسّمه على المحتاجين على إقدار الحاجات.
مسألة ٨٤ : الأقرب أنّ حقّ الغانم من الغنيمة يسقط بالإعراض عن الغنيمة وتركها قبل القسمة ، لأنّ المقصود الأعظم من الجهاد إعلاء الدين والذبّ عن الملّة ، والغنيمة تابعة ، فمن أعرض عنها فقد أخلص عمله بعض الإخلاص ، وجرّد قصده للمقصد الأعظم. ولأنّ الغنيمة لا تملك قبل القسمة ، بل تملك إن تملّك على قول (٤) ، فالحقّ فيه كحقّ الشفعة.
__________________
(١) كذا ، والظاهر : كإبدال الضيفين.
(٢) في « ق ، ك » والطبعة الحجرية : للبائع. وما أثبتناه من المصدر.
(٣ و ٤) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤٣٣.