بالخيار إن شاء منّ عليهم (١) ، وإن شاء فاداهم أنفسهم ، وإن شاء استعبدهم ، فصاروا عبيدا » (٢).
احتجّ مالك بأنّه لا مصلحة في المنّ بغير عوض (٣). وهو ممنوع.
واحتجّ عطاء بقوله تعالى ( فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمّا فِداءً ) (٤) فخيّره بعد الأسر بين هذين لا غير (٥).
وهو تخيير في الأسير بعد انقضاء الحرب.
واحتجّ أبو حنيفة : بقوله تعالى ( فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ) (٦) بعد قوله ( فَإِمّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمّا فِداءً ) (٧) لأنّ آية المنّ نزلت بمكة وآية القتل نزلت بالمدينة في آخر سورة نزلت ، وهي براءة ، فيكون ناسخا (٨).
ونمنع النسخ ، فإنّ العامّ والخاصّ إذا تعارضا ، عمل بالعامّ في غير صورة الخاصّ.
وهذا التخيير ثابت في كلّ أصناف الكفّار ، سواء كانوا ممّن يقر على دينه بالجزية ، كأهل الكتاب ، أو لا ، كأهل الحرب ـ وبه قال الشافعي (٩) ـ لأنّ الحربيّ كافر أصلي ، فجاز استرقاقه كالكتابيّ ، ولأنّ حديث الصادق (١٠) عليهالسلام
__________________
(١) في « ق ، ك » والطبعة الحجريّة : « عليه » بدل « عليهم ». وما أثبتناه من المصادر.
(٢) الكافي ٥ : ٣٢ ـ ١ ، التهذيب ٦ : ١٤٣ ـ ٢٤٥ بتفاوت يسير في بعض الألفاظ.
(٣) المغني ١٠ : ٣٩٣ ، الشرح الكبير ١٠ : ٣٩٩.
(٤) سورة محمد : ٤.
(٥) المغني ١٠ : ٣٩٣ ـ ٣٩٤ ، الشرح الكبير ١٠ : ٣٩٩.
(٦) التوبة : ٥.
(٧) سورة محمّد : ٤.
(٨) انظر : بدائع الصنائع ٧ : ١٢٠ ، والمغني ١٠ : ٣٩٤ ، والشرح الكبير ١٠ : ٣٩٩.
(٩) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤١٠ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ٢ : ٢٣٧ ، روضة الطالبين. ٧ : ٤٥١ ، الحاوي الكبير ١٤ : ١٧٦ ، المغني ١٠ : ٣٩٣ ، الشرح الكبير ١٠ : ٣٩٨.
(١٠) انظر الهامش (٢).