ولو بذل للفقير ما يحتاج إليه ، لم يجب القبول إلاّ أن يكون الباذل الإمام ، فعليه أن يقبل ويجاهد ، لأنّ ما يأخذه من الإمام حقّه.
والذمّي لا يكلّف الخروج إلاّ مع الحاجة ، لأنّه بذل الجزية لنذب عنه لا ليذبّ عنّا.
القسم الثاني : المانع الشرعي مع القدرة. وأقسامه ثلاثة :
الأوّل : الرقّ ، فلا يجب على العبد وإن أمره سيّده بذلك ، لأنّه ليس من أهل الجهاد ، والملك لا يقتضي التعرّض للهلاك ، وليس القتال من الاستخدام المستحقّ للسيّد على العبد ، ولا يلزمه الذبّ عن سيّده عند الخوف على روحه إذا لم يجب الدفع عن الغير ، بل السيّد في ذلك كالأجانب. نعم ، للسيّد استصحابه في سفر الجهاد وغيره ليخدمه ويسوس دوابّه ويحفظ متاعه.
والمدبّر والمكاتب والمتحرّر بعضه كالقنّ.
الثاني : الدّين ، فلا يجب على من عليه دين حالّ لمسلم أو ذمّي الخروج إلى الجهاد مع قدرته على الدّين إلاّ بإذن ربّ الدّين. وله منعه منه ، لأنّ مطالبته تتوجّه عليه ، والحبس إن امتنع من أدائه ، ولأنّ الدّين فرض متعيّن عليه ، فلا يترك بفرض الكفاية.
ولو كان معسرا ، فالوجه : أنّه ليس له منعه من الجهاد ، لأنّه لا مطالبة له عليه في الحال ، وهو أحد قولي الشافعيّة ، ومذهب مالك. والثاني : المنع ، لأنّه يرجو اليسار فيؤدّي وفي الجهاد خطر الهلاك (١).
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٣٥٨ ـ ٣٥٩ ، روضة الطالبين ٧ : ٤١٣ ، المغني ١٠ : ٣٧٨ ، الشرح الكبير ١٠ : ٣٧٦.