الثاني : ما فتحه المسلمون عنوة ، وهو ملك المسلمين قاطبة ، فلا يجوز أيضا إحداث كنيسة ولا بيعة ولا صومعة راهب ولا بيت صلاة للمشركين ، لأنّها صارت ملكا للمسلمين.
وأمّا ما كان موجودا قبل الفتح : فإن هدمه المسلمون وقت الفتح ، لم يجز استجداده أيضا ، لأنّه بمنزلة الأحداث في ملك المسلمين.
وإن لم يهدموه ، قال الشيخ : لا يجوز إبقاؤه (١). وهو أحد قولي الشافعي (٢) ، لأنّ هذه البلاد ملك المسلمين ، فلا يجوز أن تكون فيها بيعة ، كالبلاد التي أنشأها المسلمون.
والثاني : يجوز إبقاؤها (٣) ، لقول ابن عباس : أيّما مصر مصرته العجم ففتحه الله على العرب فنزلوه ، فإنّ للعجم ما في عهدهم.
ولأنّ الصحابة فتحوا كثيرا من البلاد عنوة ، فلو يهدموا شيئا من الكنائس.
ولحصول الإجماع عليه ، فإنّها موجودة في بلاد المسلمين من غير نكير (٤).
الثالث : ما فتح صلحا ، فإن صالحهم على أنّ الأرض لهم ويأخذ منهم الخراج عليها ، فهنا يجوز إقرارهم على بيعهم وكنائسهم وبيوت نيرانهم ومجتمع عباداتهم وإحداث ما شاءوا من ذلك فيها وإنشائه وإظهار الخمور فيها والخنازير وضرب الناقوس والجهر بقراءة التوراة والإنجيل ،
__________________
(١) انظر : المبسوط ـ للطوسي ـ ٢ : ٤٦.
(٢ و ٣) المهذّب ـ للشيرازي ـ ٢ : ٢٥٦ ، الحاوي الكبير ١٤ : ٣٢١ ـ ٣٢٢ ، الوجيز ٢ : ٢٠٢ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٥٣٨ ، روضة الطالبين ٧ : ٥١٠.
(٤) الأدلّة المذكورة هنا وردت في المغني ١٠ : ٦٠٠ ، والشرح الكبير ١٠ : ٦٠٩ ـ ٦١٠ لأحد الوجهين للحنابلة في المقام ، وليس فيهما التعرّض لقولي الشافعي.