فيه من ترك الجهاد على الإطلاق أو في جهة من الجهات. ولأنّه لا بدّ فيه من رعاية مصلحة المسلمين والنظر لهم ، والإمام هو الذي يتولّى الأمور العامّة.
هذا إذا كانت المهادنة مع الكفّار مطلقا أو مع أهل إقليم ، كالهند والروم.
ويجوز لوالي الإقليم المهادنة مع أهل قرية أو بلدة تلي ذلك الإقليم للحاجة ، وكأنّه مأذون فيه بتفويض مصلحة الإقليم إليه.
فإن عقد المهادنة واحد من المسلمين ، لم يصحّ ، فإن دخل قوم ممّن هادنهم دار الإسلام بناء على ذلك العقد ، لم يقرّوا ولكن يلحقون مأمنهم ، لأنّهم دخلوا على اعتقاد أمان.
الثاني : أن يكون للمسلمين إليه حاجة ومصلحة إمّا لضعفهم عن المقاومة فينتظر الإمام قوّتهم ، وإمّا لرجاء إسلام المشركين ، وإمّا لبذل الجزية منهم والتزام أحكام الإسلام.
ولو لم تكن هناك مصلحة للمسلمين بأن يكون في المسلمين قوّة وفي المشركين ضعف ويخشى قوّتهم واجتماعهم إن لم يبادرهم بالقتال ، لم تجز له مهادنتهم ، بل يقاتلهم إلى أن يسلموا أو يبذلوا الجزية إن كانوا أهل كتاب.
قال الله تعالى ( فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ ) (١).
وإذا طلب الكفّار الهدنة ، فإن كان فيها مضرّة على المسلمين ، لم تجز إجابتهم ، وإن لم تكن ، لم تجب الإجابة أيضا. ويجتهد الإمام ويحافظ على
__________________
(١) سورة محمد : ٣٥.