إذا ثبت هذا ، فلو شرط الإمام لهم أن يقرّهم ما أقرّهم الله ، لم يجز ، لانقطاع الوحي بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ويجوز أن يشترط أن يقرّهم ما شاء.
مسألة ٢٠٨ : الهدنة ليست واجبة على كلّ تقدير ، لكنّها جائزة ، لقوله تعالى ( وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها ) (١) بل المسلم يتخيّر في فعل ذلك برخصة قوله ( وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) (٢) وبما تقدّم (٣) ، وإن شاء ، قاتل حتى يلقى الله تعالى شهيدا [ عملا ] (٤) بقوله تعالى : ( وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ ) (٥) وكذلك فعل مولانا الحسين عليهالسلام ، والنفر الذين وجههم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى هذيل وكانوا عشرة فقاتلوا مائة حتى قتلوا ولم يفلت منهم أحد إلاّ خبيب ، فإنّه أسر وقتل بمكة (٦).
وتجوز مهادنتهم على غير مال إجماعا ، وكذا على مال يأخذه منهم إجماعا.
أمّا لو [ صالحهم ] (٧) على مال يدفعه إليهم ، فإن كان لضرورة ، مثل : أن يكون في أيدي المشركين أسير مسلم يستهان به ويستخدم ويضرب ،
__________________
(١) الأنفال : ٦١.
(٢) البقرة : ١٩٥.
(٣) تقدّم في صدر المسألة ٢٠٥.
(٤) إضافة يقتضيها السياق.
(٥) البقرة : ١٩٠.
(٦) السيرة النبويّة ـ لابن هشام ـ ٣ : ١٧٨ ـ ١٨٢ ، تاريخ الطبري ٢ : ٥٣٨ ـ ٥٣٩ ، الكامل في التاريخ ٢ : ١٦٧ ـ ١٦٨.
(٧) بدل ما بين المعقوفين في « ق ، ك » والطبعة الحجريّة : صالحه. وما أثبتناه يقتضيه السياق.