ولو جاءت مجنونة ولم يخبر عنها بشيء ، لم تردّ عليه ، لأنّ الظاهر أنّها إنّما جاءت إلى دار الإسلام لأنّها أسلمت ، ولا يردّ مهرها ، للشكّ ، فيجوز أن تفيق وتقول : إنّها لم تزل كافرة ، فتردّ حينئذ ، فينبغي أن يتوقّف عن ردّها حتى تفيق ويتبيّن أمرها.
فإن أفاقت ، سئلت ، فإن ذكرت أنّها أسلمت ، أعطي المهر ومنع منها ، وإن ذكرت أنّها لم تزل كافرة ، ردّت عليه.
وينبغي أن يحال بينه وبينها حال جنونها ، لجواز أن تفيق فيصدّها عن الإسلام في أوّل زمان إفاقتها.
ولو جاءت صغيرة ووصفت الإسلام ، لم تردّ إليهم ، لئلاّ تفتن عند بلوغها عن الإسلام. ولا يجب ردّ المهر بل يتوقّف عن ردّه حتى تبلغ ، فإن بلغت وأقامت على الإسلام ، ردّ المهر ، وان لم تقم ، ردّت هي وحدها ـ وهو أحد قولي الشافعي (١) ـ لأنّ إسلامها غير محكوم بصحّته. وإن قلنا بصحّة إسلام الصبي ، فظاهر ، فلا يجب ردّ مهرها ، كالمجنونة إذا لم يعلم إسلامها حال إفاقتها أو حال جنونها ، فيحافظ على حرمة الكلمة.
والثاني للشافعي : أنّه يجب ردّ مهرها ، لأنّ وصفها بالإسلام يمنع من ردّها ، فوجب ردّ مهرها ، كالبالغة.
ثمّ فرّق بينها وبين المجنونة : بأنّ المنع في المجنونة ، للشكّ في إسلامها ، وفي الصغيرة ، لوصف الإسلام (٢).
ونمنع ذلك ، فإنّ وصف الإسلام لا يحكم به فيها ، وإنّما منعناه منها ، للشكّ في ثباتها عليه بعد بلوغها ، فإذا بلغت فإن ثبتت على الإسلام ، رددنا
__________________
(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٥٧٠.