قال الله تعالى ( وَإِمّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ ) (١) يعني أعلمهم بنقض عهدهم حتى تصير أنت وهم سواء في العلم.
ولا يكفي وقوع ذلك في قلبه حتى يكون عن أمارة تدلّ على ما خافه.
ولا تنتقض الهدنة بنفس الخوف ، بل للإمام نقضها ، وهذا بخلاف الذمّي إذا خيف منه الخيانة ، فإن عقد الذمّة لا ينتقض بذلك ، لأنّ عقد الذمّة يعقد لحقّ أهل الكتاب ، ولهذا يجب على الإمام إجابتهم عليه ، وعقد الهدنة والأمان لمصلحة المسلمين لا لحقّهم ، فافترقا.
ولأن عقد الذمّة آكد ، لأنّه عقد معاوضة ومؤبّد ، بخلاف الهدنة والأمان ، ولهذا لو نقض بعض أهل الذمّة وسكت الباقون ، لم ينتقض عهدهم ، ولو كان في الهدنة ، انتقض.
ولأنّ أهل الذمّة في قبضة الإمام ولا يخشى الضرر كثيرا من نقضهم ، بخلاف أهل الهدنة ، فإنّ الإمام يخاف منهم الغارة على المسلمين والضرر الكثير.
مسألة ٢٢٥ : إذا انتقضت (٢) الهدنة لخوف الإمام ونبذ إليهم عهدهم ، ردّهم إلى مأمنهم ، وصاروا حربا. فإن لم يبرحوا عن حصنهم ، جاز قتالهم بعد النبذ إليهم ، لأنّهم في منعتهم (٣) كما كانوا قبل العقد. وإن كانوا قد نزلوا فصاروا في عسكر المسلمين ، ردّهم الإمام إلى مأمنهم ، لأنّهم دخلوا إليه
__________________
(١) الأنفال : ٥٨.
(٢) في « ق » : نقضت.
(٣) في الطبعة الحجريّة : « مأمنهم » بدل « منعتهم ».