من مأمنهم ، فعليه ( أن يردّهم ) (١) إليه ، وإلاّ لكان خيانة من المسلمين ، والله لا يحبّ الخائنين.
فإذا زال عقد الهدنة ، نظر فيما زال به ، فإن لم يتضمّن وجوب حقّ عليه ، مثل أن يأوي لهم عينا أو يخبرهم بخبر المسلمين ويطلعهم على عوراتهم ، ردّه إلى مأمنه ، ولا شيء عليه. وإن كان يوجب حقّا ، فإن كان لآدميّ ، كقتل نفس أو إتلاف مال ، استوفي ذلك منه ، وإن كان لله تعالى محضا ، كحدّ الزنا والشرب ، أقيم عليه أيضا ، عندنا ، خلافا للعامّة (٢) ، وإن كان مشتركا ، كالسرقة ، أقيم عليه ، عندنا. وللعامّة قولان (٣).
مسألة ٢٢٦ : إذا عقد الإمام الذمّة للمشركين ، كان عليه أن يذبّ عنهم كلّ من لو قصد المسلمين لزمه أن يذبّ عنهم. ولو عقد الهدنة لقوم منهم ، كان عليه أن يكفّ عنهم كلّ (٤) من يجري عليه أحكامه من المسلمين وأهل الذمّة ، وليس عليه أن يدفع عنهم أهل الحرب ولا بعضهم عن بعض.
والفرق : أنّ عقد الذمّة يقتضي جري أحكامنا عليهم ، فكانوا كالمسلمين ، والهدنة عقد أمان لا يتضمّن جري الأحكام ، فاقتضى أن يأمن من جهته من يجري عليه حكم (٥) الإمام دون غيره.
فإن شرط الإمام في عقد الذمّة أن لا يدفع عنهم أهل الحرب ، فإن كانوا في وسط بلاد الإسلام ـ كالعراق ـ أو في طرف بلاد الإسلام ، كان
__________________
(١) بدل ما بين القوسين في « ق ، ك » : ردّهم.
(٢) المهذّب ـ للشيرازي ـ ٢ : ٢٦٤ ، الشرح الكبير ١٠ : ٥٧٤.
(٣) المهذّب ـ للشيرازي ـ ٢ : ٢٦٤ ، الشرح الكبير ١٠ : ٥٧٤ ، حلية العلماء ٧ : ٧٢٢ ـ ٧٢٣.
(٤) كلمة « كلّ » لم ترد في « ق ، ك ».
(٥) في الطبعة الحجريّة : « أحكام » بدل « حكم ».