والأكل في الأسواق وكشف الرأس بين الناس وغير ذلك ممّا يسقط محلّه ويوهن مرتبته. وأن يكون منزّها عن دناءة الآباء وعهر الأمّهات. وقد خالفت العامّة في ذلك كلّه.
مسألة ٢٣٧ : وإنّما تنعقد الإمامة بالنصّ عندنا على ما سبق. ولا تنعقد بالبيعة ، خلافا للعامّة بأسرهم ، فإنّهم أثبتوا إمامة أبي بكر بالبيعة ، ووافقونا على صحّة الانعقاد بالنصّ ، لكنّهم جوّزوا انعقادها بأمور :
أحدها : البيعة (١). واختلفوا في عدد الذين تنعقد الإمامة ببيعتهم.
فقال بعضهم : لا بدّ من أربعين ، لأنّ عهد الإمامة أعظم خطرا من عقد الجمعة ، وهذا العدد معتبر في الجمعة عند الشافعيّة ففي البيعة أولى (٢).
وقال بعض الشافعيّة : إنّه يكفي أربعة ، لأنّه أكمل نصب الشهادات (٣).
وقال بعضهم : ثلاثة ، لأنّ الثلاثة مطلق الجمع ، فإذا اتّفقوا ، لم يجز مخالفة الجماعة (٤).
وقال بعضهم : اثنان ، لأنّ أقلّ الجمع اثنان (٥).
وقال بعضهم : واحد ، لأنّ عمر بن الخطّاب بايع أبا بكر أوّلا ثمّ وافقه الصحابة (٦).
وقال بعضهم : يعتبر بيعة أهل الحلّ والعقد من العلماء والرؤساء ووجوه الناس الذين يسهل حضورهم ، ولا يشترط اتّفاق أهل الحلّ والعقد في سائر البلاد ، بل إذا وصل الخبر إلى أهل البلاد البعيدة ، فعليهم الموافقة والمتابعة (٧). وعلى هذا فلا يتعيّن للاعتبار عدد ، بل لا يشترط العدد ، فلو تعلّق الحلّ والعقد بواحد مطاع ، كفت بيعته لانعقاد الإمامة (٨).
__________________
(١ ـ ٦) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧٢ ـ ٧٣ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٦٣.
(٧) في « ق » : « المبايعة » بدل « المتابعة ».
(٨) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧٣ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٦٤.