هرم أو مرض ، انعزل عندهم. ثمّ إن ولّى غيره ، انعقدت الإمامة لمن ولاّه ، وإلاّ بايع الناس غيره.
وإن عزل نفسه من غير عذر ، ففي انعزاله وجهان :
أحدهما : ينعزل ، ولا يكلّف أن يترك مصلحة نفسه محافظة على مصلحة غيره ، وصار كما لو لم يجب إلى المبايعة ابتداء.
والثاني : المنع ، لما روي أنّ أبا بكر قال : أقيلوني (١). ولو تمكّن من عزل نفسه ، لما طلب الإقالة (٢).
وقال بعضهم : للإمام أن يعزل وليّ العهد ، لأنّ الخلافة لم تنتقل إليه ، فلا يخشى من تبديله الفساد والفتنة (٣).
وقال بعضهم : ليس له ذلك ما لم يتغيّر حاله وإن جاز له عزل من استنابه في إشغاله في الحال ، لأنّه يستنيبه لنفسه ، واستخلاف وليّ العهد يتعلّق بالمسلمين عامّة ، فصار كأهل البيعة يبايعون ، ولا يعزلون من بايعوه (٤).
مسألة ٢٣٩ : الإمام عندنا لا يتحقّق منه صدور الفسق ، لأنّه واجب العصمة من أوّل عمره إلى آخره.
أمّا من لم يشترط عصمته ، فالأظهر عند الشافعيّة منهم : أنّ الإمام لا ينعزل بالفسق ، لأنّهم يجوزون إمامة الفاسق (٥) ، فإذا كان لا يمنع الفسق من الابتداء فأولى أن لا يمنع من الاستدامة. ولا ينعزل بالإغماء ، لأنّه
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ١ : ١٦٩.
(٢) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧٦ ـ ٧٧ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٦٧ ـ ٢٦٨.
(٣) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧٧ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٦٨.
(٤) الأحكام السلطانيّة ـ للماوردي ـ : ١١ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧٧ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٦٨.
(٥) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧٢ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٦٣.