وقال بعض الجمهور : يثبت لهم حكم البغاة إذا خرجوا عن قبضة الإمام (١). وفيه قوّة.
الثاني : أن يخرجوا عن قبضة الإمام منفردين عنه في بلد أو بادية ، أمّا لو كانوا معه وفي قبضته ، فليسوا أهل بغي (٢) ، لأنّ عليّا عليهالسلام كان يخطب ، فقال رجل بباب المسجد : لا حكم إلاّ لله ، تعريضا بعليّ عليهالسلام أنّه حكم في دين الله ، فقال عليّ عليهالسلام : « كلمة حقّ أريد بها باطل ، لكم علينا ثلاث : أن لا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا اسم الله فيها ، ولا نمنعكم الفيء ما دامت أيديكم معنا ، ولا نبدؤكم بقتال » (٣) فقوله عليهالسلام : « ما دامت أيديكم معنا » يعني لستم منفردين.
الثالث : أن يكونوا على المباينة بتأويل سائغ عندهم بأن تقع لهم شبهة تقتضي الخروج على الإمام ، فأمّا إذا لم يكن لهم تأويل سائغ وباينوا ، فهم قطّاع طريق حكمهم حكم المحارب.
والشافعيّة اعتبروا في أهل البغي صفتين :
إحداهما : أن يكون لهم تأويل يعتقدون بسببه جواز الخروج على الإمام ، أو منع الحقّ المتوجّه عليهم ، لأنّ من خالف الإمام (٤) من غير تأويل ، كان معاندا ، ومن يتمسّك بالتأويل ، يطلب الحقّ على اعتقاده ، ولا يكون معاندا ، فيثبت له نوع حرمة ، كما في حقّ من خرج على عليّ عليهالسلام حيث اعتقدوا أنّه يعرف قتلة عثمان ، ويقدر عليهم ولا يقتصّ منهم ، لرضاه
__________________
(١) المغني ١٠ : ٤٧ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٩.
(٢) في « ق » : البغي.
(٣) تاريخ الطبري ٥ : ٧٣ ، الكامل في التاريخ ٣ : ٣٣٥ ، سنن البيهقي ٨ : ١٨٤ ، الأحكام السلطانية ـ للماوردي ـ : ٥٨ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧٩.
(٤) كلمة « الإمام » لم ترد في « ق ، ك » والعزيز شرح الوجيز.