والفرار في حربهم كالفرار في حرب المشركين ، تجب مصابرتهم حتى يفيئوا إلى الحقّ ويرجعوا إلى طاعة الإمام أو يقتلوا ، بغير خلاف في ذلك. فإذا رجعوا ، حرم قتالهم ، لقوله تعالى ( حَتّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ ) (١) وكذا إن ألقوا السلاح وتركوا القتال ، أمّا لو انهزموا ، فإنّه يجب قتالهم إن كان لهم فئة يرجعون إليها.
ولو استعان أهل البغي بنسائهم وصبيانهم وعبيدهم في القتال وقاتلوا معهم أهل العدل ، قوتلوا مع الرجال وإن أتى القتل عليهم ، لأنّ العادل يقصد بقتاله الدفع عن نفسه وماله.
ولو أرادت امرأة أو صبي قتل إنسان ، كان له قتالهما ودفعهما عن نفسه وإن أتى على أنفسهما.
مسألة ٢٤٣ : لو استعان أهل البغي بأهل الحرب وعقدوا لهم ذمّة أو أمانا على هذا ، كان باطلا ، ولا ينعقد لهم أمان ولا ذمّة ، لأنّ من شرط عقد الذمّة والأمان أن لا يجتمعوا على قتال المسلمين ، فحينئذ يقاتل الإمام وأهل العدل المشركين مقبلين ومدبرين ، كالمنفردين عن أهل البغي. وإذا وقعوا في الأسر ، تخيّر الإمام فيهم بين المنّ والفداء والاسترقاق والقتل.
وليس لأهل البغي أن يتعرّضوا لهم ـ قاله الشيخ (٢) ـ من حيث إنّهم بذلوا لهم الأمان وإن كان فاسدا ، فلزمهم الكفّ عنهم ، لاعتمادهم على قولهم ، لا من حيث صحّة أمانهم.
فإن استعانوا بأهل الذمّة فعاونوهم وقاتلوا معهم أهل العدل ، راسلهم
__________________
(١) الحجرات : ٩.
(٢) المبسوط ـ للطوسي ـ ٧ : ٢٧٢ ـ ٢٧٣.