والقتيل من أهل العدل شهيد ، لأنّه قتل في قتال أمر الله تعالى به ، ولا يغسّل ولا يكفّن ، ويصلّى عليه ، عندنا ، لأنّه شهيد معركة أمر بالقتال فيها ، فأشبه معركة الكفّار.
وقال الأوزاعي وابن المنذر : يغسّل ويصلّى عليه ، لأنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أمر بالصلاة على من قال : لا إله إلاّ الله (١) (٢).
ونحن نقول بموجبه ، لأنّا نوجب الصلاة على الشهيد ، وليس في الخبر الأمر بالغسل والتكفين.
إذا ثبت هذا ، فإنّ ما يتلفه أهل العدل من أموال أهل البغي حال الحرب غير مضمون ، لأنّه مأمور بالقتال ، فلا يضمن ما يتولّد منه. ولا نعلم فيه خلافا ، لأنّ أبا بكر قال للذين قاتلهم بعد ما تابوا : تدون قتلانا ، ولا ندي قتلاكم (٣).
ولأنّهما فرقتان من المسلمين : محقّة ومبطلة ، فلا تستويان في سقوط الغرم ، كقطّاع الطريق.
وأمّا ما يتلفه أهل العدل من أموال أهل البغي قبل الشروع في القتال أو بعد تقضّي الحرب : فإنّه يكون مضمونا ، لأنّه ليس لأهل العدل ذلك ، فكان إتلافا بغير حق ، فوجب عليهم الضمان.
ويحتمل أن يقال : إن احتاج أهل العدل إلى قتل أو إتلاف مال في تفرّقهم وتبديل كلمتهم ، جاز لهم ذلك ، ولا ضمان.
__________________
(١) سنن الدار قطني ٢ : ٥٦ ـ ٣ و ٤ ، المعجم الكبير ـ للطبراني ـ ١٢ : ٤٤٧ ـ ١٣٦٢٢ ، حلية الأولياء ١٠ : ٣٢٠.
(٢) المغني ١٠ : ٥٧ ، الشرح الكبير ١٠ : ٥٩.
(٣) المغني ١٠ : ٥٨ ، الشرح الكبير ١٠ : ٥٩ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٨٦.