مسألة ٢٥٠ : لو وقع أسير من أهل البغي في يد أهل العدل وكان شابّا من أهل القتال ، جلدا ، حبس وعرض عليه المبايعة ، فإن بايع على الطاعة والحرب قائمة ، قبل منه وأطلق. وإن لم يبايع ، ترك في الحبس.
فإذا انقضت الحرب فإن تابوا وطرحوا السلاح وتركوا القتال أو ولّوا مدبرين إلى غير فئة ، أطلق. وإن ولّوا مدبرين إلى فئة ، لم يطلق عندنا في الحال.
وقال بعضهم : يطلق ، لأنّه لا يتبع مدبرهم (١). وقد بيّنّا خلافه.
وهل يجوز قتله؟ الذي يقتضيه مذهبنا : التفصيل ، فإن كان ذا فئة ، جاز قتله ، وإلاّ فلا ـ وبه قال أبو حنيفة (٢) ـ لأنّ في ذلك كسرا لهم.
وقال الشافعي : لا يجوز قتله (٣) ، لأنّ ابن مسعود قال له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « يا بن أمّ عبد ما حكم من بغى من أمّتي؟ » قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : « لا يتبع مدبرهم ، ولا يجاز على جريحهم ، ولا يقتل أسيرهم ، ولا يقسم فيئهم » (٤).
وهو محمول على ما إذا لم تكن له فئة.
ولو كان الأسير صبيّا أو عبدا أو امرأة أطلقوا ، لأنّهم لا يطالبون بالبيعة ، لأنّهم ليسوا من أهل الجهاد ، وإنّما يبايعون على الإسلام خاصّة.
وقال بعضهم : يحبسون كالرجال ، لأنّ فيه كسر قلوبهم (٥).
__________________
(١) انظر : العزيز شرح الوجيز ١١ : ٩١ ، وروضة الطالبين ٧ : ٢٧٨.
(٢) بدائع الصنائع ٧ : ١٤٠ ـ ١٤١ ، المغني ١٠ : ٦٠ ، الشرح الكبير ١٠ : ٥٧.
(٣) المهذّب ـ للشيرازي ـ ٢ : ٢٢٠ ، حلية العلماء ٧ : ٦١٧ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٩١ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٧٨ ، المغني ١٠ : ٦٠ ، الشرح الكبير ١٠ : ٥٧.
(٤) سنن البيهقي ٨ : ١٨٢ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ٢ : ٢١٩ ، المغني ١٠ : ٦٠ ـ ٦١ ، الشرح الكبير ١٠ : ٥٧ ـ ٥٨.
(٥) الحاوي الكبير ١٣ : ١٢٢ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ٢ : ٢٢٠ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٩١ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٧٩.