مسألة ٢٦٨ : يجوز لفقهاء الشيعة ، العارفين بمدارك الأحكام ، الجامعين لشرائط الحكم الإفتاء بين الناس. ويجب عليهم ذلك حال غيبة الإمام عليهالسلام إذا أمنوا الضرر ولم يخافوا على أنفسهم ولا على أحد من المؤمنين.
قال الله تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ ) (١) الآية ، وقال تعالى ( فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) (٢).
وقال الباقر عليهالسلام : « لعن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من نظر إلى فرج امرأة لا تحلّ له ، ورجلا خان أخاه في امرأته ، ورجلا احتاج الناس إليه لفقهه فسألهم الرشوة » (٣).
إذا عرفت هذا ، فإنّه يجب على المفتي الإفتاء عن معرفة لا عن تقليد. وإنّما يحلّ له الإفتاء بعد المعرفة بالأحكام ومداركها والأصول والنحو الذي يحتاج إليه في ذلك ، واللغة المحتاج إليها فيه ، ولا يحلّ له الإفتاء بغير علم ، لقول الباقر عليهالسلام ـ في الصحيح ـ : « من أفتى الناس بغير علم ولا هدى من الله لعنته ملائكة الرحمة وملائكة العذاب ، ولحقه وزر من عمل بفتياه » (٤).
ولو خاف على نفسه من الإفتاء بالحقّ ، جاز له ـ مع الضرر وخوفه ـ الإفتاء بمذاهب أهل الخلاف والسكوت ، لأنّا جوّزنا الحكم بمذهب
__________________
(١) البقرة : ١٥٩.
(٢) التوبة : ١٢٢.
(٣) التهذيب ٦ : ٢٢٤ ـ ٥٣٤.
(٤) الكافي ٧ : ٤٠٩ ـ ٢ ، التهذيب ٦ : ٢٢٣ ـ ٥٣١.