المسلمين أن يؤمّن حصنا كبيرا ، ولا من جهة الإمام ، لأنّه ليس برسوله ، ولا غرور هنا ، لأنّ التقصير من جهتهم حيث عوّلوا على قول مجهول لم يعتضد بشهادة أحد من المسلمين.
ولو ناداهم من صفّ المسلمين مسلم ـ وهم قليلون يصحّ أمان الواحد لهم ـ إنّي رسول الأمير إليكم وإنّه أمنكم ، كان أمانا من جهته ، لأنّ من يملك الأمان إذا أخبر عمّن يملك الأمان ، كان أمانا صحيحا ، لأنّه على تقدير صدقه يكون أمانا من جهة المخبر عنه ، وعلى تقدير كذبه يكون أمانا من جهته.
مسألة ٥٢ : إذا أمّن الإمام أو نائبه المشركين ثمّ بعث ( إليهم رسولا ) (١) لينبذ إليهم ويخبرهم نقض العهد ، فجاء الرسول وأخبر بإعلامهم ، لم يعرّض لهم حتى يعلموا ذلك بشاهدين ، لأنّ خبره دائر بين الصدق والكذب ، وليس بحجّة في نقض العهد ، لتعلّقه باستباحة السبي واستحلال الأموال والفروج والدماء ، وهو لا يثبت مع الشبهة ، بخلاف الأمان ، فإنّ قوله حجّة فيه ، لتعلّقه بحفظ الأموال وحراسة الأنفس وحقن الدماء ، وهو يثبت مع الشبهة.
فلو أغار المسلمون فقالوا : لم يبلغنا خبر رسولكم ، فالقول قولهم ، لأنّهم أنكروا نبذ الأمان ، والأصل معهم ، فيصار إلى قولهم ، لأنّ في وسع الإمام أن ينفذ إليهم مع الرسول شاهدين.
أمّا لو كتب الإمام إليهم نقض العهد وسيّره مع رسوله وشاهدين ، فقرأه عليهم بالعربيّة واحتاجوا إلى ترجمان يترجم بلسانهم ، وشهد الآخران
__________________
(١) بدل ما بين القوسين في « ق ، ك » : رجلا.