وأكثر أهل العلم (١) ، لأنّه قد ثبت للمسلمين حقّ استرقاقه ، فلا يجوز إبطاله. ولأنّ المشرك إذا وقع في الأسر ، يتخيّر الإمام فيه بين أشياء تأتي ، ومع الأمن يبطل التخيير ، فلا يجوز إبطال ذلك عليه.
وقال الأوزاعي : يصحّ عقده بعد الأسر ، لأنّ زينب بنت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أجارت زوجها أبا العاص بن الربيع ، فأجاز النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أمانها (٢) (٣).
وليس حجّة ، لأنّ للإمام ذلك فكيف النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والنزاع في آحاد المسلمين.
مسألة ٥٤ : يجوز للإمام أن يؤمّن الأسير بعد الاستيلاء عليه والأسر ، لأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أجاز أمان زينب لزوجها (٤). ولأنّ للإمام أن يمنّ عليه فيطلقه والأمان دون ذلك (٥) ، بخلاف آحاد المسلمين.
ولو حصل الكافر في مضيق أو في حصن فلحقه المسلمون ، صحّ الأمان ، لأنّه بعد على الامتناع.
ولو أقرّ المسلم بأمان المشرك ، فإن كان في وقت يصحّ منه إنشاء الأمان ، صحّ إقراره وقبل منه إجماعا ، وإن كان في وقت لا يصحّ منه إنشاؤه كما لو أقرّ بعد الأسر ـ لم يقبل قوله إلاّ أن تقوم بيّنة بأمانه قبل الأسر.
ولو شهد جماعة من المسلمين أنّهم أمّنوه ، لم يقبل ، لأنّهم يشهدون
__________________
(١) المغني ١٠ : ٤٢٦ ، الشرح الكبير ١٠ : ٥٤٨ ، حلية العلماء ٧ : ٦٥٢ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤٥٧ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٧٢.
(٢) سنن البيهقي ٩ : ٩٥.
(٣) المغني ١٠ : ٤٢٦ ، الشرح الكبير ١٠ : ٥٤٨ ، حلية العلماء ٧ : ٦٥٢.
(٤) سنن البيهقي ٩ : ٩٥ ، المغني ١٠ : ٤٢٦ ، الشرح الكبير ١٠ : ٥٤٨.
(٥) في « ق ، ك » : والأمان دليل ذلك. وفي الطبعة الحجريّة : والأمان دليل على ذلك. وما أثبتناه يقتضيه السياق.