وبهذا يثبت أن النفس قادرة على لحاظين بل لحاظات في عرض واحد لأن النفس أعطت هذا الثوب للكثير بما هو كثير وإلّا لما توحّد وأصبح واحدا بهذا الإعطاء ، ويستحيل أن لا تلاحظه عند الإعطاء ، إذن فقد لاحظت الكثير بما هو كثير وهذا معنى صدور لحاظات استقلالية ومتعددة من النفس في وقت واحد.
النقض الثاني :
وننقض على الميرزا بالقضايا التصديقية ، من قبيل الوجود والعدم لا يجتمعان ، فإن النفس حينما تصدر الحكم لا بدّ وأن تلحظ الموضوع والمحمول ، وإلّا لاستحال إصداره ، وحينئذ ، نسأل الميرزا ، أن النفس حينما تلاحظ الموضوع والمحمول فهل تلاحظهما بلحاظ واحد أو بلحاظين مستقلين؟. فإن قال بالأول فهذا معناه أن الموضوع والمحمول أصبحا شيئا واحدا مركبا وحينئذ يستحيل أن تنعقد جملة تامة لأنها إنما تنعقد بطرفين لا بطرف واحد ، وإن قال بالثاني إذن فقد ثبت إمكان تعدد اللحاظ في آن صدور الحكم من النفس.
وأمّا حلا ، فهذا يرجع إلى بحث فلسفي ، ولكن نقول على نحو الإجمال ، أن النفس ليست بسيطة بذاك المعنى الذي يطبق عليه قانون أن الواحد لا يصدر منه إلّا الواحد ، بل إن النفس لها حيثيات متعددة ، وبلحاظ هذه الحيثيات يمكن أن يصدر منها لحاظات متعددة حتى بقطع النظر عن القوى والآلات.
الوجه الثاني :
ما ذكره المحقق الأصفهاني (١) (قده) وتوضيحه موقوف على بيان أمرين :
__________________
(١) نهاية الدراية / الأصفهاني : ج ١ ص ٨٨ ـ ٨٩.