الأمر الأول :
أن وجود اللفظ هو وجود لماهيتين ، وجود حقيقي لماهية اللفظ ، ووجود تنزيلي لماهية المعنى ، لأن اللفظ اعتبر وجودا للمعنى ، إذن فما هو وجود تنزيلي لماهية المعنى عين ما هو وجود حقيقي لماهية اللفظ ، فبين الوجودين عينيّة ، وعلى هذا فتعدد أحدهما يساوق تعدد الآخر لا محالة ، ووحدة أحدهما كذلك تساوق وحدة الآخر.
الأمر الثاني :
أن الوجود والإيجاد شيء واحد ، فتعدد الإيجاد ووحدته ، يساوق تعدد الوجود ووحدته.
وإذا تم هذان الأمران نقول : أن الاستعمال هو عبارة عن إيجاد وجود تنزيلي للمعنى ، فإذا أردنا استعمال اللفظ في المعنيين ، إذن فهناك استعمالان ، أي إيجادان تنزيليان ، وبمقتضى الأمر الثاني من أن الإيجاد عين الوجود وتعدده هو تعدده ، فهناك إذن وجودان تنزيليان ، وبالتالي هناك وجودان حقيقيان بمقتضى الأمر الأول ، حيث قلنا ، أن الوجود الحقيقي للفظ هو عين الوجود التنزيلي ، فإذن نحتاج إلى وجودين حقيقيين للفظ ، والحال أنه ليس هناك إلّا وجود حقيقي واحد للفظ ، وعلى هذا يستحيل استعمال اللفظ المشترك في أكثر من معنى.
وهذا الكلام لا محصل له ، إذ لو فرضنا أن الاستعمال هو إيجاد تنزيلي والإيجاد عين الوجود وتعدده هو تعدده ، لكن ما هو معنى الإيجاد التنزيلي؟. الإيجاد التنزيلي بحسب الحقيقة هو إيجاد التنزيل وإن نسب إلى الغير مسامحة ، فالإيجاد التنزيلي للمعنى هو إيجاد تنزيل اللفظ منزلة المعنى والإيجادان التنزيليان هما إيجادان لتنزيلين ، ولا محذور في تعدد التنزيل مع وحدة المنزّل ، فينزل اللفظ الواحد في عرض واحد ، تارة منزلة العبد ، وأخرى منزلة السيد ، إذن فتعدد التنزيل لا ينافي وحدة المنزّل.