وأما إذا كانت المبادئ عين الذات ، من قبيل الإنسانية والإنسان ، فلا يمكن تصوير مطلب الأعمي ، فلا يقال بأن المشتق موضوع للأعم من الإنسان المتلبس بالإنسانية بالفعل والإنسان المقضي عنه الإنسانية ، لأن هذا غير معقول تصورا ، لأنه بمجرد أن نفرض الذات ، وهو الإنسان ، فقد فرضت فعلية التلبس بالمبدإ ، لأن المبدأ محتوى في الذات ، فكيف يمكن للأعمي أن يجمع بين تصور الإنسان ولا تصور الإنسان ، وهذا بخلاف ما إذا لم تكن استحالة الانفكاك منطقية ، فإن فرض الذات فارغة عن مبدئها معقول حينئذ ، وإن لم يكن واقعا خارجا ، بل يستحيل وقوعه ، فإن تحديد معاني الألفاظ لا يتوقف على وقوعها في الخارج بالفعل ، فمثل هذا يصح إطلاق المشتق عليه حتى بناء على الوضع لخصوص المتلبّس.
إذن فلا يتعقّل النزاع فيما إذا كان المبدأ عين الذات ، لأنه لا يمكن تعقّل ارتفاع المبدأ مع بقاء الذات في عالم التصور.
وبهذا اتضح ، أن الركن الثاني ، هو أن يكون المبدأ مغايرا للذات ، سواء كان ممكن الانفكاك عنها ، أو غير ممكن الانفكاك.
وبعد هذا ، نأتي إلى الدوائر الثلاث ، لنرى حدود النزاع فيها ، ونبدأ بأوسعها ، وهو مطلق الأسماء المشتقات وغير المشتقات ، فهل يشمل النزاع غير المشتقات من أسماء الجوامد ، أو لا يشملها النزاع.
في هذا المقام فصّل الأعلام في أسماء الجامد بين قسمين :
القسم الأول :
أسماء الجوامد ، التي تكون موضوعة لعناوين ذاتية منتزعة عن مرتبة الذات ، من قبيل الحديد والماء والحيوان والإنسان ونحو ذلك من العناوين الذاتية ، وهذا القسم لا يعقل جريان النزاع فيه لأنه لا يعقل بقاء الذات مع زوال المبدأ ، لأنه عينه ، فالإنسانية عين الإنسان ، فكيف يعقل تصور الذات وانحفاظها مع ارتفاع المبدأ ، فلا يتعقل جريان النزاع في هذا القسم.