حقيقي ، فحينئذ صحّ ما يقال ، بأن الذات ترتفع بارتفاع المبدأ ، لأن المبدأ هنا ، وهو الصورة النوعية ، جزء من هذا المركب ، فإذا ارتفع ، ارتفع المركب لا محالة ، فلا تبقى هذه الذات ، ولكن لا ملزم للنظر إلى هذه الذات المصاغة من المركب الثلاثي ، بل هناك ذات أخرى يمكن تصورها ، وهي المركب الثنائي من القوة الصرفة ومن الصورة الجسمية ، وهذا المركب الثنائي ، هو القدر المشترك بين الحديد والماء والهواء وغير ذلك ، وهو ذات ، ولا إشكال بأنه يحمل عليه عنوان الحديد فيقال هذا الجسم حديد ، أو الجسم تارة حديد وأخرى خشب.
إذن فلنبحث أن ارتفاع الصورة النوعية («الحديدية») هل يوجب ارتفاع هذا المركب الثنائي أو لا يوجب ارتفاعه؟.
أما بناء على ما بيّناه ، من أن الركن الثاني لضابط النزاع هو عبارة عن مغايرة المبدأ مع الذات فمن الواضح أن هذا الركن محفوظ في المقام ، لأن المركب الثنائي هو القوة الصرفة والصورة الجسمية وأمّا الصورة النوعية («الحديدية») أمر زائد على هذا الثنائي ، كما أن الركن الأول محفوظ في المقام كما بيناه ، إذ لا إشكال في أن عنوان الحديد يحمل على الجسم ، وعلى هذا فيعقل جريان النزاع فيه.
وأمّا إذا سلكنا مسلك الأعلام في الركن الثاني وعبّرنا بإمكان الانفكاك بين المبدأ والذات مع عدم التمييز بين الإمكان المنطقي والاستحالة المنطقية وبين الإمكان الفلسفي والاستحالة الفلسفية ، فنتساءل هل أن الصورة النوعية (الحديدية) يمكن انفكاكها عن المركب الثنائي أو لا يمكن ذلك؟. أمّا بحسب النظر الدقّي الفلسفي ففيه بحث.
فمن الفلاسفة من ذهب إلى أن الصورة الجسمية متقومة وجودا بأشخاص الصور النوعية ، فإذا زالت الصورة النوعية زالت معها الصورة الجسمية ، فلا يعقل بقاء الذات بعد ارتفاع المبدأ الذي هو الصورة النوعية ، ومنهم من ذهب بأن الصورة الجسمية متقومة بإحدى الصور النوعية على