المبدأ. وقد تخلّص عن هذا الإشكال بوجوه ، ولعلّ من أضبطها ما ذكره صاحب الكفاية.
الوجه الأول :
ما ذكره صاحب الكفاية (١) ، فقد حاول (قده) ، أن يتخلّص من التوهم المذكور ، ببيان ، وحاصله ، أنه لو سلمنا بأن الذات يستحيل بقاؤها بعد انقضاء المبدأ ، لكن لا مانع من وضع لفظ المقتل «الجامع» بين الذات المتلبسة والذات المنقضي عنها المبدأ ، بل لا مانع من وضع اللفظ لخصوص المستحيل ، إذ ليس المقصود من وضع اللفظ لمعنى ، وجوده في الخارج ، بل تصوره ، والمستحيل ممكن التصور فالاستعمال فيه ممكن ، وعليه فالوضع له بمكان من الإمكان ، إذن فالاستحالة الفلسفية ليست مانعة من الوضع للأعم ، فلو فرضنا أن الذات المنقضي عنها المبدأ مستحيلة فلسفيا ، لكن لا مانع من وضع اللفظ لها ، لأن المقصود من الوضع هو الاستعمال لا الإيجاد خارجا ، والاستعمال موقوف على إمكان التصور ، فلا مانع إذن من الوضع للأعم ، لإمكان تصوّر الموضوع له اللفظ.
ولكن هذا الجواب غير صحيح ، لأن بقاء الذات في أسماء الزمان مع انقضاء المبدأ ليس مستحيلا فلسفيا فحسب ، بل هو مستحيل منطقي ويشتمل على التناقض ، وقد مرّ بك أنه إذا كان بقاء الذات مع ارتفاع المبدأ مشتملا على التناقض ، فيستحيل دخوله في محل النزاع ، لأن نفس مفهوم انقضاء الزمان يشتمل على التجدد الذي هو معنى الزمان ، فإن المبدأ بقطع النظر عن الزمان لا معنى لانقضائه ، فانقضاء المبدأ هو عين انقضاء الزمان ، لا أنه يوجد انقضاءان في المقام ، انقضاء للمبدا ، وانقضاء للزمان ، بل انقضاء المبدأ عبارة عن تجدد زمان آخر ، وإلّا ففي لوح غير زماني وبنظرة لا زمانية ، تكون الحوادث غير منقضية ، بل كلها موجودة ، إذن فانقضاء المبدأ عين انقضاء
__________________
(١) حقائق الأصول / الحكيم : ج ١ ص ١٠٠.