ولا حين الجري. ولكن سوف يتلبس بعد الجري ، إذن هذا الإطلاق ليس حقيقيا ، ولا يكون زيدا مصداقا للجامع. وهذا الجامع غير صحيح حيث أخذ فيه التلبس مقيّدا بجامع الجري المقارن والسابق ، وقد تقدم أن الجري غير مأخوذ في التلبس ، فهذا الجامع لا يصلح للجامعية.
الوجه الثالث :
أن يقال ، بأن المشتق مركب من ذات وفعل ماضي ، بحيث أن «عالم» هو من علم ، وضارب هو من «ضرب» ومن المعلوم ، أن «من علم» يصدق على «العالم» بالفعل ، ويصدق على من تلبّس بالعلم وانقضى عنه المبدأ ، وبهذا نحصل على جامع أعمي غير مأخوذ فيه الزمان قيدا ، بناء على عدم أخذ الزمان في مدلول الفعل ولا الجري أيضا ، بل هو مفهوم إفرادي في نفسه ، وهذا الوجه من الوجوه المعقولة في تصوير الجامع ، والقول بلزوم دخول مدلول فعل الماضي في المشتق ، هو باطل مردود ، لأنه إن أريد به دخوله بما هو نسبة تامة يصح السكوت عليها ، فبطلانه واضح ، وإلّا لانقلب المشتق إلى جملة تامة يصح السكوت عليها ، مع أنه ليس كذلك ، ولكن ليس مقصودنا من دخول الفعل الماضي في المشتق كون النسبة التامة داخلة فيه ، بل مقصودنا من قبيل أخذ الفعل الماضي مدخولا لأداة الشرط ، ففي قولك «إذا جاء زيد» فهنا مفاد الفعل في نفسه نسبة تامة ، ولكن بعد أخذه قيدا ومدخولا لأداة الشرط أصبح نسبة ناقصة ، فدخول الفعل الماضي في المشتق إنما هو بنحو القيدية وهذا أمر معقول ولا بداهة تقتضي البطلان.
وقد يعترض هذا الجامع شبهة وهي ، أن «قائم» لو كان معناه «من قام» إذن لكان من الخطأ أن نقول زيد قائم غدا ، إذ يصير معناه ، زيد قام غدا ، ومن المعلوم أن «قام» ، لا يمكن تقيّده بالغد ، لاستدعائه حينئذ وقوع الضرب سابقا ولا حقا وهو باطل ، ولكن هذه الشبهة مبنية على أن يكون قيد الغد قيدا لمادة الفعل الماضي المأخوذ مستترا في المشتق ، فإن ذلك حينئذ يكون أمرا غلطا ، ولكن لا ينحصر الأمر بذلك ، فإن هذا القيد ليس قيدا لمادة الفعل الماضي ،