وهذا الجامع غير صحيح ، لا لأنه جامع انتزاعي بل لخصوصية فيه ، وهي عنوان أحدهما ، فإن هذا العنوان غير قابل للإطلاق الشمولي ، بل إطلاقه دائما يكون إطلاقا بدليا ، فإذا قيل أكرم أحدهما ، فمعناه أنه يريد إكرام هذا أو ذاك ، لا أنه يريد إكرامهما معا بعرض واحد ، فلو كان مفهوم عالم يساوق مفهوم أحدهما ، لكان إطلاقه بدليا ، ولما أمكن أن يقال «أكرم كل عالم» ، بحيث يراد به الشمول للمتلبس وللمنقضي عنه المبدأ معا ، مع أنه لا إشكال بأن المفهوم الاشتقاقي وهو «عالم» ، ممّا يقبل الإطلاق الشمولي.
الوجه السادس :
بأن يقال ، بأن الجامع هو الذات الغير متلبسة فعلا بالعدم الأزلي للمبدا ، وهذا العنوان يصدق على المتلبس بالعلم فعلا. وعلى المتلبس بالعلم سابقا ، فإن الذات المتلبسة بالعلم فعلا يصدق عليها أنها ذات غير متلبسة فعلا بالعدم الأزلي للمبدا ، كما أن الذات المتلبسة بالعلم سابقا لا حاضرا ، عدم العلم فيها حاضرا ليس أزليا ، بل عدم حادث ، فيصدق عليها أنها ذات غير متلبسة بالعدم الأزلي للمبدا أيضا ، وأمّا الذات التي لا علم لها حاضرا ولا ماضيا ولكن سوف تصبح عالمة غدا ، فهذه ذات متلبسة بالعدم الأزلي للمبدا ، فهذا العنوان ينطبق على المتلبس وعلى من انقضى عنه التلبس ولا ينطبق على من سوف يتلبس فيما بعد.
وهذا الجامع معقول لكنه ليس عرفيا لأن العرف لا يفهم كلمة «عالم» عن طريق العدم ، لأن هذا الجامع يفترض أن كلمة عالم ، هي الذات الغير متلبسة بالعدم الأزلي للعلم ، فكأنه يفهم العلم عن طريق العدم ، فابتداء ، يفهم العدم ، ومنه ينتقل إلى الوجود ، وهذا تعقيد لا يلتفت إليه العقل العرفي حينما ينتقل ذهنه إلى معنى المشتق.