الصورة الأولى يكون الشك شكا في حدوث الوجوب بالنسبة لمن انقضى عنه المبدأ ، فتجري البراءة عن الوجوب ، وأما في الصورة الثانية ، فالشك يكون في بقاء الوجوب بعد العلم بتعلقه فيمن انقضى عنه المبدأ ، فيجري استصحاب الوجوب. ولنا تعليقان على هذين المطلبين في كلتا الصورتين.
أما الصورة الأولى وهي فيما إذا كان حدوث الحكم بعد انقراض المبدأ ، فينبغي التفصيل فيها بين حالتين.
الحالة الأولى : أن يكون أصل جعل الوجوب قد حدث بعد انقراض المبدأ ومتأخرا عن الانقضاء ، من قبيل أن نفرض أن زيدا كان متلبسا بالعلم إلى يوم الجمعة ثم زال عنه العلم يوم السبت ، وفي يوم الأحد صدر من المولى جعل وجوب إكرام «العالم» ، فأصل الجعل لم يكن موجودا بل كان متأخرا عن الانقضاء.
الحالة الثانية : أن يكون أصل الجعل موجودا ، ولكن المجعول لم يكن فعليا لتوقفه على شرط ، كما لو فرضنا أن المولى قد جعل من أول الأمر وجوب إكرام «العالم» ، لكن مقيدا بمجيء شهر رمضان ، وقد زال العلم عن زيد قبل مجيء هذا الشهر ، فالوجوب بلحاظ الجعل ثابت من أول الأمر ، ولكن المجعول لم يصبح فعليا إلّا بعد زوال المبدأ عن زيد لأن المجعول منوط بمجيء شهر رمضان وقد زال المبدأ قبل مجيئه.
ففي الحالة الأولى ، الأمر كما ذكر صاحب الكفاية ، فإن الشك شك في أصل الجعل ، فتجري البراءة أو استصحاب عدم الوجوب بالنسبة لمن انقرض عنه المبدأ سابقا على أصل الجعل.
وأما في الحالة الثانية ، فقد يقال بإمكان إجراء الاستصحاب التعليقي لإثبات وجوب إكرام من انقضى عنه المبدأ قبل دخول الشهر الذي هو قيد لفعلية المجعول بناء على مسلك صاحب الكفاية. وما نوافق عليه في الجملة في بحث الاستصحاب من جريان الاستصحاب التعليقي ، فإنه يمكن أن يقال