أدلة الوضع لخصوص المتلبس
الوجه الأول :
استدل على الوضع لخصوص المتلبس بدعوى التبادر ، فإن المتبادر من المشتق هو خصوص المتلبس ، وقد أشكل الأعمّي على هذه الدعوى ، بأن التبادر في المقام لا ينحصر منشؤه بالوضع إذ لعلّه ناشئ من الانصراف بسبب كثرة الاستعمال في المتلبس ، فإن الاستعمال في المتلبّس أكثر منه في المنقضي عنه المبدأ فلعلّ كثرة الاستعمال أوجبت انصرافا. وهذا الانصراف هو منشأ التبادر.
وأجاب عن ذلك صاحب الكفاية (١) ، بأن الاستعمال في حالات انقضاء المبدأ عن الذات ، أكثر منه في حالات التلبس ، فكيف يدّعى أن كثرة الاستعمال في المتلبس هي التي أوجبت الانصراف والتبادر.
وأشكل على صاحب الكفاية ، بأنه بين محذورين ، فإمّا أن يعترف بأن الاستعمال في المتلبس أكثر منه في المنقضي ، وإمّا أن يعترف بأن الاستعمال في المنقضي أكثر منه في المتلبس ، فإن قال بالأول ، إذن تمّ الإشكال ، وهو أن هذا التبادر تبادر انصرافي ناشئ من كثرة الاستعمال في المتلبّس ، وإن قال بالثاني إذن لزمه إشكال آخر ، وهو أنه كيف يكون الاستعمال في المنقضي أكثر
__________________
(١) حقائق الأصول / الحكيم : ج ١ ص ١١٢ ـ ١١٣.