الوجه الثاني :
أن يقال بأن صحة الإطلاق مع عدم التلبس الفعلي ناشئ من التوسع في مدلول مادة المشتق بمعنى أن المادة أريد بها في المقام ، الحرفة والصناعة ، ولم يرد بها الفعلية ، ففي الحرفة مثلا ، نرى أنه يصح إطلاق كلمة صائغ على هذا الإنسان ، مع أنه لا يباشر فعلا عملية الصياغة ، وإنما يصح ذلك باعتبار أن الصياغة التي هي مبدأ الاشتقاق في صائغ ، بمعنى الصناعة والحرفة ، وتلبسه بالحرفة فعلي لا محالة ، فيكون ذلك من استعمال المشتق في المتلبس بالفعل لأنه متلبس بالفعل بحرفة الصياغة.
وما يمكن أن يقوله الأعمي لإبطال هذا الوجه ، هو أن يقال ، بأن المادة لو كان مدلولها هو الحرفة والصناعة للزم أن يكون هذا المدلول مدلولا للمادة حينما تعرض عليها سائر الهيئات الأخرى ، لأن المادة واحدة موضوعة بوضع واحد نوعي ، فمثلا ، «صاغ ويصوغ» مادتهما واحدة ، وضعت لمدلولها وهو الصنعة والحرفة ، مع أننا نرى بالوجدان أن الصياغة في ضمن «صاغ ويصوغ» تدل على الحدث ، ونفهم من ذلك التلبس الفعلي بالصياغة ، إذن فالصياغة لم تكن بمعنى الحرفة والصناعة ، وإلّا للزم أن تكون بهذا المعنى في تمام المشتقات بناء على الوضع النوعي الواحد.
الوجه الثالث :
أن يقال ، بأننا لو سلّمنا بأن المادة أريد بها العملية ، لا الحرفة والصناعة ، ولكن الهيئة موضوعة للمتلبس بالتلبس الشأني لا بالتلبس الفعلي ، فالتصرف في مدلول الهيئة لا المادة ، ولكن لا بحملها على المتلبس والمنقضي ، بل بتوسعة دائرة التلبس.
فنقول بأن المراد من التلبّس الملحوظ في هيئة «صائغ» ، هو الأعم من التلبس الفعلي والتلبس الشأني ، وحينئذ ، يصح في المقام إطلاق «صائغ» على