بعين وجود النفس ، لو تصور شيئا ثم تصور شيئا آخر ، بأن هذا تحول في حدود هذا الموجود الواحد ، لا أن هناك وجودين أحدهما ثابت ، اسمه النفس ، والآخر يتغير ، اسمه العرض.
فهذا مطلب لا يوجد برهان على استحالته ، وما يقال من أن العرض مغاير مع الجوهر وجودا وماهية ، لأن العرض وجود رابطي والجوهر وجود نفسي استقلالي ، هذا إنما ينفع في الخطابة ولا برهان عليه في الفلسفة.
ولكن الإلهام الفطري للإنسان العامي ، يقتضي المغايرة في المقام بين الوجودين ، فينسج وراء البياض والحلاوة مثلا وجودا آخرا جوهريا مباينا مع هذه الصفات ، وحينما نتكلم عن «علم وعالم» ونريد أن نعرف لما ذا يصح حمل عالم في اللغة ولا يصح حمل علم ، لا بدّ وأن نحكّم إلهامات هذا الإنسان الفطري ، لأن اللغة إنما هي وليدة هذا الإنسان ، ولا نحكّم الفلاسفة في المقام ، إذ قد يعجزون فلسفيا عن برهان ان وجود العرض مغاير لوجود الموضوع ، ولكن اللغة مربوطة بهذا الفهم الفطري ، إذن فلا بدّ من الالتزام بأن «علم وعالم» مفهومان متغايران عرفا ، إذ لو كان «عالم» عين «علم» ، إذن لما صحّ حمله على الذات بحسب الإلهام الفطري العامي الذي يرى مغايرة بين الجوهر والعرض وجودا ومفهوما.