قولنا «الإنسان إنسان» فتصبح القضية ضرورية فيلزم المحذور المذكور. وإن فرض أن «له الكتابة» قيد حقيقي للمحمول ، فحينئذ لا يلزم انقلاب القضية الممكنة إلى الضرورية ، لأن المقيد بقيد غير ضروري غير ضروري ، لكن يلزم محذور أخر ، وهو حمل الخاص على العام ، وهو غير جائز ، فإن قولنا «له الكتابة» في قولنا الإنسان إنسان له الكتابة» إن فرض أنه قيد حقيقي ، فحينئذ يكون المحمول أخص مفهوما من الموضوع ، لأن الموضوع هو ذات الإنسان بلا قيد ، والمحمول هو مفهوم الإنسان مع القيد ، ومن الواضح أن الإنسان مع القيد أخصّ مفهوما ، فعلى هذا يلزم محذور أخصّية المحمول من الموضوع ، مع أن المحمول لا يجوز أن يكون أخص من الموضوع مفهوما.
وحينئذ ، يندفع الحل والنقض ، أمّا الحل ، وهو أن المقيد بقيد غير ضروري غير ضروري ، فبعد فرض أن «له الكتابة» مجرّد مشير وليس قيدا حقيقيا ، فالقضية تصبح ضرورية ، وأن قيل أن «له الكتابة» قيد حقيقي فيلزم محذور آخر وهو كون المحمول أخص من الموضوع مفهوما ، وأمّا النقض فيندفع أيضا ، لأن مفهوم الشيء المأخوذ في المحمول ، لو قيّد وقيل ، «الإنسان شيء له الكتابة» ، فيكون المحمول أخص مفهوما من الموضوع وهذا غير جائز.
ولكن هذه المحاولة أيضا غير تامة ، وذلك لأن الحمل في القضية الحملية متقوم بالمحول والموضوع ، وهنا يوجد تصوران للقضية الحملية.
التصور الأول : أن يقال بأن دور الموضوع في الحمل ، هو بعينه ، دور المحمول في الحمل ، بمعنى أن دور الموضوع ودور المحمول دوران متشابهان متسانخان ، وذلك بأن يلحظ المفهوم في طرف الموضوع ، والمفهوم في طرف المحمول ، بما هما مرآتان لواقع واحد ، وبهذا الاعتبار ، يصح حمل أحدهما على الآخر فيكون معنى حمل أحد المفهومين على الآخر هو ملاحظة المفهومين بما هما مرآتان ومعبران عن واقع خارجي واحد ، ونسبة كل من المفهوم في طرف الموضوع ، والمفهوم في طرف المحمول إلى الواقع على حد واحد ، وعلى هذا ، إن الحمل لا يصح إلّا في حالة الاتحاد في الوجود ،