فيما إذا كان المفهوم في طرف الموضوع والمفهوم في طرف المحمول موجودين بوجود واحد ، وإذا كانا متحدين في الوجود ، صحّ حمل أحدهما على الآخر ، سواء كان المحمول أخص من الموضوع مفهوما ، أو الموضوع أخص مفهوما من المحمول ، لأن دور الموضوع عين دور المحمول ، وهو فناؤهما في عرض واحد لواقعة واحدة بوجود فارد ، وهذا ثابت في المقام سواء جعل الأعم مفهوما هو الموضوع أو الأخص مفهوما هو الموضوع ، فاشتراط أن لا يكون المحمول أخص مفهوما يكون بلا موجب.
التصور الثاني : أن يقال ، بأن دور الموضوع يختلف سنخا عن دور المحمول في القضية الحملية ، وذلك بأن ينظر إلى الموضوع بما هو ذات ، لا بما هو مفهوم. حتى لو كان الموضوع مفهوما ، كما في قولنا «الإنسان كاتب» فإن الموضوع هنا مفهوم ، وهو الإنسان ، والإنسان ليس ذاتا خارجية «كزيد وعمر» بل هو مفهوم ، لكن مع هذا نقول ، أن الإنسان في هذه القضية ينظر إليه بما هو ذات وبما هو عين مصاديقه ، فكان المحضر في جانب الموضوع هو الذات والمصداق ، وأمّا في جانب المحمول ، فلم يلحظ مفهوم المحمول بما هو مرأة بل بما هو مفهوم ، فيكون معنى الحمل هو إثبات أن هذه الذات الملحوظة في طرف الموضوع تندرج تحت هذا المفهوم المأخوذ في طرف المحمول ، وبهذا يختلف دور الموضوع عن دور المحمول ، لأن الموضوع ينظر إليه بما هو مرآة وذات للمصداق الخارجي ، والمحمول لا ينظر إليه بما هو مرآة بل بما هو مفهوم ، ويرجع الحمل إلى أن هذه الذات مصداق لهذا المفهوم ، وبناء على هذا التصور لا موجب لأن يكون المحمول أعم من الموضوع ، بل يمكن أن يكون المحمول مفهوما أخص من الموضوع ، لأن الموضوع على هذا التصور ليس هو المفهوم حتى يقال أهو أعم أو هو أخص ، بل هو ذات ، لأن المفهوم في طرف المحمول لوحظ بما هو مرآة لإحضار الذات والمصداق ، والمصداق دائما لا يكون أعم من المحمول فإن مصاديق الإنسان في الخارج هي عين مصاديق الإنسان الكاتب في الخارج بحسب الفرض ، والأعمية والأخصية إنما تكون بين المفهومين بما هما مفهومان لا بين مصاديق