تخلّص المحقق الخراساني :
صار واضحا أن تصوير الجامع على الصحيح بمكان من الإمكان ، إلّا أن المحقق الخرساني (١). سلك مسلكا آخر في دفع عويصة الإشكال ، فاختار تصوير الجامع على الصحيح ، إلّا أن الجامع الذي تصوّره جامع بسيط ، منتزع عن الأفراد الصحيحة المختلفة في أجزائها وشرائطها ، وبيّن في توضيح إثبات جامعه ، ما يرجع حاصله إلى مقدمتين :
المقدمة الأولى :
إن المستفاد من الأدلة الشرعية ، أن الصلوات الصحيحة على اختلاف أجزائها وخصوصياتها ، تشترك جميعها في أثر واحد نوعي ، من قبيل الانتهاء عن الفحشاء والمنكر ، وهذا الأثر نثبته بالدليل الشرعي ، بما ورد في الكتاب والسنة من أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر.
المقدمة الثانية :
بعد أن ثبت اشتراك تمام الصلوات الصحيحة في أثر واحد نوعي ، نثبت بالبرهان العقلي أنه لا بدّ من فرض جامع بين هذه الصلوات ، وأن هذا الجامع هو المؤثر في ذلك الأثر ، ببرهان أن الواحد لا يصدر إلّا من واحد. وحيث أن الأثر واحد ، فيلزم أن يكون المؤثر واحدا ، إذ لو كان المؤثر متعددا ، بحيث أن كل صلاة صحيحة ، مؤثرة بخصوصيتها في ذلك الأثر ، للزم تأثير الكثير في الواحد ، وصدور الواحد من الكثير ، وهو مستحيل.
إذن لا بدّ من فرض أن مؤثرية هذه الأفراد الصحيحة ، إنما هو باعتبار اشتراكها في جامع واحد نوعي ، وهذا الجامع لا بدّ وأن يكون بسيطا ، لما بيّن من استحالة الجامع التركيبي. وبهذا ينتهي صاحب الكفاية ، إلى جامع بسيط بين الأفراد الصحيحة ، ومن الواضح أن مقصوده بهذا الجامع البسيط ليس
__________________
(١) حقائق الأصول / ج ١ ص ٥٨.