التثليث ، وحمل هذه على أنه «لا صلاة صحيحة إلّا بفاتحة الكتاب» لا أنه «لا صلاة من حيث المسمّى إلّا بفاتحة الكتاب» ، وفي مقام التكافؤ لا يمكن الاستناد إلى أي دليل منهما.
الدليل الثالث :
هو الاستدلال بسيرة العقلاء المخترعين ، حيث أن ديدنهم فيما إذا اخترعوا شيئا ، وضعوا اللفظ لخصوص الصحيح منه ، والشارع بحكم كونه أحدهم ، فظاهره لم يتخطّ سيرتهم ، فيستكشف إمضاؤه لهذه السيرة العقلائية ووضعه لفظ الصلاة للصحيح من مخترعه.
وهذا الدليل بهذا البيان ، لا محصل له ، وتوضيح ذلك :
إن السيرة العقلائية ، تارة نفرضها مربوطة بالمكلفين أنفسهم من قبيل السيرة على العمل بالخبر الواحد ، ففي مثل هذه السيرة نستكشف إمضاء الشارع لها من عدم ردعه ، لأن الشارع يرى المكلفين خارجا يعملون على طبقها ، فلو لم يكن راضيا بها لوجب عليه ردعهم ، فيستكشف من عدم الردع ، موافقته على هذه السيرة واتحاد ذوقه مع ذوق أصحاب السيرة.
وتارة أخرى نفرض السيرة العقلائية غير مربوطة بالمكلفين وأجنبية عن عالم الامتثال ، من قبيل السيرة المفترضة في الدليل ، فسيرة العقلاء إذا اخترعوا شيئا وضعوا اللفظ لخصوص الصحيح منه ، مثل هذه السيرة أمر أجنبي عن الشرع فليس من الضروري أن يردع الشارع المكلفين ، سواء وافق ذوقه هذه السيرة أو لم يوافقها ، فلا يمكن أن نستكشف من عدم الردع موافقة الشارع لهذه السيرة ، اللهم إلّا أن يرجع ذلك إلى توجيه آخر ويقال بأن الشارع صدر منه وضع ، ووضع لفظ الصلاة للعمل الفلاني ، وتردّد الأمر بحيث كان كلامه مجملا فلم يعلم بأنه وضعه لخصوص الصحيح أو للأعم ، فيقال حينئذ ، بأن انعقاد سيرة العقلاء على الوضع لخصوص الصحيح يوجب انعقاد ظهور في كلام الشارع ، باعتبار أن هذه السيرة من القرائن اللبية التي توجب انعقاد