وقد يقال أن هذا غير ممكن بناء على إنكار الوضع رأسا ، لأن الصحيحي والأعمي في أي شيء يتنازعان؟. فهل يتنازعان في تحديد المعنى الموضوع له؟. كلاهما يعترفان بعدم الوضع. أم أنهما يتنازعان في تحديد المعنى المجازي؟. كلا المعنيين مجازي ، فكما يصح الاستعمال مجازا في الصحيح باعتبار المشابهة والمشاكلة ، كذلك يصح الاستعمال في الأعم.
فمن هنا اتجه البحث إلى تصوير صيغة معقولة للنزاع ، بناء على إنكار الوضع رأسا ، والصيغ المتصورة في المقام عديدة.
الصيغة الأولى :
يمكن أن يتصور النزاع في تشخيص المجاز الأولي والمجاز الثانوي ، بمعنى أن كلا من الصحيحي والأعمي وإن كانا متفقين على أن اللفظ مستعمل مجازا في المعنى الشرعي ، في الصحيح مجازا وفي الأعم مجازا.
لكن يقع الكلام في أن القائل بالصحيح ، يقول أن العلاقة لوحظت أولا بين المعنى اللغوي ، والصحيح من المعنى الشرعي ، واستعمل اللفظ في الصحيح باعتبار المناسبة بينه وبين المعنى اللغوي ، وأما بعد ذلك ، لوحظت مناسبة ثانية طولية بين المعنى المجازي الصحيح ، وبين الأعم ، فاستعمل اللفظ في الأعم مجازا.
والقائل بالأعم يعكس المطلب ، فيكون النزاع بينهما في تشخيص المجاز الذي لوحظت العلاقة بينه وبين المعنى اللغوي ابتداء ، وما هو المجاز الذي لوحظت العلاقة بينه وبين المجاز الأولي.
وقد اعترض صاحب الكفاية على هذه الصيغة (١) بأنها لا توصل المتنازعين إلى الثمرة المقصودة في المقام لأن الثمرة في المقام هي حمل اللفظ على الصحيح عند الصحيحي وحمله على الأعم عند الأعمي ، ومن
__________________
(١) حقائق الأصول : الحكيم ج ١ ص ٥٣.