الجهة الثانية
والكلام في هذه الجهة ، يدور حول مبنى النزاع في المعاملات ، فهل أن النزاع مبني على وضع ألفاظ المعاملات للأسباب أو على وضعها للمسبّبات؟.
ذهب المشهور إلى أن النزاع بين الصحيحي والأعمي في باب المعاملات مبني على وضع الفاظها للأسباب ، لأن السبب باعتباره مركبا من أجزاء ، ومقيدا بشرائط ، فيتصف بالتمامية والنقصان ، وبالتالي يتصف بالصحة والفساد ، فلذلك يمكن وقوع النزاع ، بحيث أن الصحيحي يدعي بأن لفظ البيع موضوع للإنشاء المستجمع لتمام الأجزاء والشرائط ، والأعمي يدعي بأن لفظ البيع موضوع للجامع بين الواجد والفاقد.
وأمّا على القول بوضع ألفاظ المعاملات للمسبّبات ، فلا معنى لوقوع النزاع ، لأن المسبّب هو نتيجة المعاملة ، فهو التمليك بعوض في البيع ، وتمليك المنفعة في الإجارة ، وتمليك العين مجانا في الهبة ، وهذه أمور بسيطة لا تقبل التمامية والنقصان ، وإنما تقبل الوجود والعدم ، فتارة تكون موجودة ، إذا تم السبب بكل أجزائه وشرائطه ، وأخرى معدومة ، إذا فقد السبب بعض أجزائه وشرائطه ، فالمسبّب هو وجود الملكية في البيع ، والحرية في العتق ، والفراق في الطلاق ، وهذه الأمور هي روح الصحة وعينها ، فلا معنى لأن تتصف بالصحة تارة والفساد أخرى ، فالنزاع بناء على وضع ألفاظ المعاملات للمسبّبات لا معنى له ، وإنما يتعقل النزاع بناء على وضعها للأسباب.