الجهة السادسة
تقدم فيما سبق أن أسماء المعاملات إذا كانت موضوعة للمسبّب ، فينغلق البحث في الصحيحي والأعمّي ، وإذا كانت موضوعة للسبب فينفتح البحث في أنها هل هي موضوعة لخصوص الصحيح أو للأعم؟.
والكلام في هذه الجهة يفرض أن أسماء المعاملات موضوعة للسبب ، فيقع البحث في أن ما ذهب إليه الصحيحي هو الحق ، أو أن ما ذهب إليه الأعمّي هو الصحيح ، بمعنى هل أن الصحة مأخوذة أو ليست مأخوذة؟.
أما الصحة الشرعية فلا إشكال في عدم أخذها في المعنى الموضوع له ، لأن ظاهر حال الشارع بما هو فرد من مجتمع له لغته وأعرافه وقوانينه وأحكامه ، أنه يمضي هذه اللغة وهذه الأعراف والقوانين ، فلظاهر حال الشارع جنبتان. إحداهما إمضاء اللغة ، والأخرى إمضاء الأعراف والقوانين ، ولا يرفع اليد عن هذا الإمضاء إلّا بقرينة الردع ، ومن الملاحظ أن الشارع عند مجيئه كان هناك لغة تستعمل ألفاظ البيع والتجارة وغير ذلك في معانيها ، وهناك أحكام في البيئة العربية من الصحة والفساد والإجزاء والشرائط ، وظاهر حاله ، أنه أمضى كلتا الجنبتين ، حيث كان يجري على طبق التسمية اللغوية ، فيستعمل لفظ البيع في نفس ما يستعمله فيه أهل العرف واللغة ، ويمضي ما يراه العرف حلالا أو حراما ، ثم بعد هذا أقام الشارع قرائن على عدم إمضاء جملة من الأحكام فقد حرم الربا ، والبيع الضرري مثلا ، وبذلك رفعت اليد عن ظهور