الجهة الثانية
والكلام في هذه الجهة معاكس للمدّعى في الجهة الأولى ، حيث ادّعي هنا استحالة وقوع الاشتراك في اللغة وامتناعه امتناعا غيريا ، باعتباره منافيا لحكمة الوضع ، بتقريب ، أن الغرض من الوضع هو التفهيم وإبراز المعاني لإيصالها إلى الغير ، والاشتراك دائما يكون منشأ للإجمال والتردد ، فهو مناف لحكمة الوضع وبالتالي يكون ممتنعا امتناعا غيريا.
ويجاب على هذا البرهان بصيغتين :
الصيغة الأولى :
هو أن يقال ، بأن الغرض من الوضع لو كان هو خصوص التفهيم التفصيلي لورد الإشكال المذكور ، لكن من قال بأن الغرض هو الإفهام بالدرجة التفصيلية ، بل الغرض من الوضع هو طبيعي التفهيم الجامع بين التفهيم التفصيلي والتفهيم الإجمالي ، ومن المعلوم أن التفهيم الإجمالي مترتب على المشترك ، وهذا التفهيم الإجمالي ممّا يتعلق به غرض العقلاء.
الصيغة الثانية :
هو أن يقال ، بأنه لو سلّمنا بأن الغرض من الوضع إنما هو التفهيم التفصيلي ، لكن مع هذا ، الاشتراك معقول ، ويساعد على تحقيق هذا الغرض ولو بنحو جزء العلة ، فإن التفهيم التفصيلي يتولد في موارد الاشتراك من علة مركبة من جزءين ، أحدهما اللفظ المشترك ، والآخر القرينة ، فلو قال «رأيت