ومن الواضح أن صيغة افعل لها دلالتان :
أ ـ دلالة تصورية محفوظة ، سواء صدرت من العاقل ، أو من غيره ، من الجاد ، أو من الهازل ، فإنها دلالة تصورية ، تنتقش تصورا في الأذهان.
ب ـ ودلالة تصديقية ، بمعنى أنها تكشف ، عن أنّ هناك شيئا في نفس المتكلم ، نسمّيه بالدلالة التصديقية ، سواء عبّرنا عنه بالاعتبار ، أو عبّرنا عنه بالإرادة ، أو بأي عبارة أخرى.
ونحن الآن في مقام التفتيش عمّا هو المدلول له وضعا.
والدلالة الوضعية ، كما سبق في بحث الوضع ، هي عبارة ، عن الدلالة التصورية ، فإن الوضع لا ينتج أكثر من ذلك ، بينما الدلالة التصديقية هي عبارة عن ظهور سياقي حالي زائد على الدلالة التصورية ، ولها ملاك آخر ، غير الوضع ، ولذلك لا يصح أن نحشر الدلالة التصديقية ، عند ما يكون البحث عن المعنى الموضوع له صيغة «افعل» وتشخيصه ، وإنما الكلام عن الدلالة التصديقية ، يأتي متأخرا عن هذا ، وإنما وقع السيد الخوئي «قده» في ذلك ، لأنه التزم في باب الوضع ، بأن الوضع هو التعهّد ، وهذا الالتزام اقتضى منه الالتزام ، بكون الدلالة الوضعية ، هي الدلالة التصديقية كما تقدم ، ولهذا صار يفتّش عن مدلول تصديقي لصيغة «افعل» ، بينما نحن نفتش عن المدلول الوضعي لصيغة «افعل» ، والذي تدل عليه دلالة تصورية.
ولإيضاح ذلك ، نذكر مقدمة ، ملخصا عمّا أوضحناه في بحث الجمل الفعلية ، حتى نصل إلى صيغة «افعل» ، وقد ذكرنا هناك ، أن الجملة الفعلية (ضرب ويضرب) تدل على النسبة الصدورية بين الفعل والفاعل ، بالنحو الذي يناسب فاعلية ذلك الفاعل مع ذلك الفعل ، فكل من يسمع جملة ، «ضرب زيد أو يضرب زيد» ، يتبادر إلى ذهنه هذه النسبة الصدورية ، بين الضرب والفاعل ، وإن كان لا يمكن القول بأنّ هذه النسبة الصدورية ، هي تمام مفاد «ضرب زيد» ، وقد برهنّا هناك على ذلك ، بمجموع أمرين.