ومن الواضح أنّ المادة هنا ، بعد وقوعها مع الهيئة في دليل واحد لا في دليلين ، تقيّد إطلاق الهيئة إذ لا معنى لأن يقول ، صلّ حتى لو صلّيت ـ فإن الوجوب مقيّد لا محالة بعدم وقوع متعلقه خارجا ، لأن وقوع المتعلّق خارجا ، يوجب سقوط الوجوب واضمحلال التكليف.
إذن لا يعقل أن يكون الوجوب ثابتا مع وقوع متعلّقه خارجا وحينئذ فكلّ ما شملته المادة من الحصص خرج عن إطلاق الهيئة ، وكلّما اتسعت المادة تضيقت الهيئة ، وهذا معناه أن إطلاق المادة مقيّد لإطلاق الهيئة ، وحيث أن إطلاق المادة متصل مع إطلاق الهيئة لا منفصل عنه لوقوعها معها في دليل واحد ، إذن فإطلاق المادة يوجب عدم انعقاد الإطلاق في الهيئة رأسا ، باعتبار إطلاق المادة مقيّد متصل مع الهيئة ، فبمقدار ما تتسع له المادة بحسب إطلاقها لم ينعقد إطلاق في الهيئة رأسا باعتبار إطلاق المادة قرينة متصلة.
وبعد أن قام البرهان العقلي الموجود في تقريرات (١) الميرزا على أن إطلاق المادة للحصة غير الاختيارية ساقط ، وهذا يعتبر مقيّد لإطلاق المادة ، فإن فرضناه مقيّدا متصلا ، بحيث يكون بديهيا فهو قرينة متصلة ، نسبته إلى إطلاق المادة ، نسبة إطلاق المادة إلى إطلاق الهيئة ، فهو مقيّد للمقيّد ، وحينئذ بمقدار ما يهدم المقيّد يبقى إطلاق الهيئة على حاله ، وأمّا إذا فرض أن برهان الميرزا برهانا عقليا منفصلا ، وقرينة منفصلة ، فهذا معناه ، أن إطلاق المادة قد انعقد بالفعل ، حيث لم يتصل به قرينة ، وبما أن المادة متصلة مع الهيئة ، إذن فهي تهدم ظهور الهيئة وإطلاقها من الأساس ، فلم يتولد للهيئة إطلاق من أول الأمر ، لاتصالها بالمادة الهادمة ، وإن وجد فيما بعد المقيّد المنفصل للمادة.
وهذا إشكال دقيق مستفاد من بعض تحقيقات المحقق العراقي (٢) «قدس سرّه» في هذه المسألة.
__________________
(١) فوائد الأصول ـ الكاظمي ج ١ ص ٧٥.
(٢) بدائع الأفكار ج ١ الآملي ص ٢٤٩ ـ ٢٥٠.