متعلق الأمر ، وقد برهنوا على ذلك بعدة بيانات نستعرض بعضها
البيان الأول :
وهو ما يظهر من عبارة صاحب الكفاية حيث قال بأن ما لا يكاد يتأتّى إلّا من قبل الأمر لا يمكن أن يؤخذ في متعلق الأمر (١).
وحاصل هذا البيان دعوى أن أخذ قصد امتثال الأمر في متعلق الأمر غير معقول للزوم الدور والتهافت والتناقض وذلك.
لأن قصد امتثال الأمر بحسب طبعه ، هو متأخر رتبة عن الأمر ، باعتبار أنه لا يعقل ولا يمكن وجوده إلّا بعد فرض أمر بعد الأمر ، وإلّا فمن دون فرض أمر لا معنى لقصد امتثال الأمر ، فقصد امتثال الأمر وجوده متأخر رتبة عن الأمر ، فلو كان قصد امتثال الأمر مأخوذ في متعلق الأمر ، للزم كونه بلحاظ آخر ، أسبق رتبة من الأمر ، لأن متعلق الأمر أسبق رتبة من الأمر ، وهذه الأسبقية ، أسبقية متعلق الأمر من الأمر ، ثابتة على كل حال ، وإن كان هناك اختلاف في تفسير هذه الأسبقية وتكييفها.
فإنه إن قيل بأن الأمر مع متعلق الأمر موجودان بوجودين ، وأن الإرادة مع متعلق الإرادة موجودان بوجودين ، إذن فيكون تأخّر الأمر عن متعلقه من باب تأخر العارض عن معروضه ، لأن نسبة الأمر إلى متعلقه حينئذ ، هي نسبة العرض إلى محلّه ، فيكون تأخره عنه ، تأخرا وجوديا على حد تأخر العارض عن معروضه.
وإذا قيل بأن الأمر ، ومتعلق الأمر ، موجودان في أفق نفس الآمر بوجود واحد ، وأن الحبّ والمحبوب ، وأنّ الإرادة والمراد موجودان بوجود واحد ، إذن فمتعلّق الأمر لا يكون متقدما على الأمر بالوجود ، ولكنّه متقدم عليه بالطبع على كل حال ، على حدّ تقدّم الإنسان على زيد بالطبع ، فإن الإنسان
__________________
(١) كفاية الأصول : مشكيني ج ١ ص ١٠٩.